*ردتني مراجعات في أطروحات بمقالات صدرت في العام 2011 للكاتب العربي سعيد محيو _والطقس ربيع عربي_ عن أدوار ووضعيات أجهزة المخابرات والأمن في البلدان العربية في ظل ذلك الحراك ذكر فيها تعبيرا عميقا وذكيا . فتح به محيو أفق الرؤية بعيدا عن بيئة الدخان والصخب وربما غياب الوعي الى هالة الضوء الذي في أخر النفق بقوله إن (الأمن ليس كلمة رديئة، خاصة حين يرتبط بمفهوم “الأمن الإنساني”. وأجهزة الأمن العربية لا يجب بالضرورة أن تبقى سرية في عالَـم محظور يعجّ بالهمسات والظلال، لا بل أكثر: الدور الوطني والقومي لهذه الأجهزة المُعزز بالأمن الإنساني، مطلوب أكثر من أي وقت مضى، بسبب ظروف التفتيت والاحتلالات، شريطة أن يتم ذلك في إطار ثقافة (أمن ) ديمقراطية جديدة)* .
*وللحقيقة وفي ظل حالة رقصة الهياج والتلاسن وتلاطم أمواج الغضب . وعراكات الثوار والمهرة في ركوب الأمواج فقد كانت تلك رؤية جريئة في ظروف ملتهبة تجعل لأيما إتجاهات تصورات* *موضوعية بحق الأجهزة الأمنية سانحة للحرق والتوصيم والإغتيال المعنوى وهي الحالة التي تجعل _ وهذا عين ما يجري عندنا الان_ أغلبية عظيمة من أهل الراي والنهى يؤثرون سلامتهم ويشترون أدمغتهم هذا إن لم يتطوعوا بجلب الحطب لحرق ناجس جهاز الأمن وإهابه جريا على بيوع الثورية وأرباح المواقف في عروض تجارتها*
2
*الفترات الإنتقالية وغض النظر عمن ثار ! ضد من ؟ تخلف حالة من السيولة ونقص المناعة للدول وأحوال الشعوب . بما يسمح عادة بتمدد الأنشطة المضادة والهدامة وسيادة أجندات تدعم المصالح الخارجية وإن تلونت بأصباغ المصالح الداخلية والمحلية . والضرر هنا يتجاوز نطاق السياسة ومواقفها وتدابيرها _للخارج والداخل _ الى ضرب قواعد الأمن الإنساني والمجتمعي وهذا قد تتورط فيه حواضن الضعف والشر المحلي سواء لمكاسب ذاتية او توظيفا للبيئة السالبة جملة بوضعية غياب ظل المؤسسة الأمنية او إختلاط إتجاهات التحرر الفوضوية من مقيدات القانون بموجبات الحق الطبيعي لممارسة الحريات العامة . وأما الأخطر في هذا كله تداخل تلك الخيوط بمخططات تفكيكك الأجهرة الأمنية والعسكرية والتي هي بالعادة تستغل حالة* *الأخلاط تلك لتمرير خطاب اعلامي يقوم على التحقير وهز الثقة مع الشيطنة نزولا الى نقطة الصفر في جعل تلك الأجهزة معزولة بالكامل عن محيط تعايشها الوظيفي مع اجهزة الدولة مع القطيعة النفسية مع الشعب*
3
*تتبع هذا النموذج يلحظ الفاحص له في وضعية جهاز المخابرات العامة السوداني بعد التغيير أبريل 2019 وصولا الى نقطة اليوم وطوال ما يقارب ثلاثة أعوام من عمر الفترة الإنتقالية الحالية .يلحظ المتابع ما يشير الى ان بنية جهاز الأمن السوداني نجحت بشكل مميز في الإحتفاظ بمرونة عالية إستوعبت وبقدر مهني ولائحي التحولات التي تمت بدلالة الإلتزام الحرفي الصارم الذي اجرته الوثيقة الدستورية على وضعية الجهاز ومهامه وأدواره والتي جعلته كمرجع للمعلومات دون مهام قتالية او تكاليف ذات طبيعة* *بوليسية . وقياس التميز يظهر في الوعي الكبير الذي لازم المؤسسة تجاه حملة المضاغطة السياسية والإعلامية التي تم تجاوزها بالإنصراف للتكيف مع التحول الجديد والسند المعلوماتي والفني والذي وإن لم يتم ابرازه اعلاميا لكنه ظل في محاضر ومبذول القيادة السياسية والعسكرية (شهادة د.عبد الله حمدوك رئيس الوزراء في زيارته لمباني الجهاز) وأما في التنسيق مع الأجهزة النظامية من القوات المسلحة الى الشرطة والدعم السريع فهذا وإن كان من مقام (السري والمحظور) لكنه بقى كذلك ضمن علامات الإنسجام المؤسسي*
4
*جهاز المخابرات العامة وفي ظل الأوضاع السياسية المعقدة ومشهد الاحتقانات ظل يدير ملفاته بشكل إحترافي ومهني وإنضباط عملي خلت فيه تماما ايما إشارات سالبة او ملاحقات حقوقية او إحتساب مخالفات خشنة وهو ما أدى بشكل تلقائي لتراجع وإنطفاء الحملات الممنهجة ضده وأكسبه وضعية الإنتعاش خاصة بعد تعيين الفريق إبراهيم مفضل في منصب المدير العام والذي رتب الحالة العامة داخل بنية مؤسسته وإستعاد الجميع لوضعية الإنتقال نحو وثبة أخرى تستعيد وضعية الجهاز السوداني في محيطه الإقليمي والفضاء الدولي وأقرب الأمثلة وأدقها تمثلت في إنفتاح جيد مخابراتيا مع الجارة أثيوبيا مما أحيا خطوط التواصل السياسي والرئاسي مع الجارة الشرقية وإتساع دائرة الظهور للسودان أمنيا في ملفات التنسيق الدولي مع الوكالات الاوربية والأمريكية وإستقرار الخرطوم كمرجعية لملفات مهمة في شواغل الاستخبارات والأمن* .