ما اشبه الليلة بالبارحة ..
اليوم ١٦ /١١ /١٩٩٥م .. سبع وعشرون عاماً وما زلنا نقف علي
اعتاب الفجر .. ولكأني بكم وانتم تستجمعون جُهد الليالي الماضية ورؤاها وميعاد الالتحام مع العدو ، تنتظرون حُلماً اخر تتحقق تآويله بلقاء الأحبة محمداً وصحبة ..
ليلة الامس كانت سر الليالي، الارواح المحلقة والجموع الهادرة لشباب الحركة الاسلامية الذين خرجوا خفافاً وثقالاً نُصرة للحق ومؤازرة لجيش السودان .. خرجتم رُغم الجراح واثقي الخطي ملوكاً تختالون في ارض المعركة تُضحكون الرّب حاسرين مكشوفي الصدور .. تستجمعون حماسكم في وحشة الادغال بهمس الدُّعاء عقب صلاة العشاء واوراد المساء .. ثم تكسرون حاجز الصمت بترديد … الليلة هوي يا ليلة … شهيدنا عرسو الليلة ..
الزفّة فيها ملايكة .. مع قدلة المنصور
شهيدنا ملك الحور .. بل لا تقل مقتولا ..
قل للذي يلقاني .. الله يرمي سناني
ذخيرتي إيماني .. وسلاحنا التكبيرا ..
صدقتم فسبقتم ..
وأسفي علي نفسي تبقت خلفهم ..
تنتابني الأهواء والأخطار ..
ارواحكم التي تعارفت وتآلفت وتعاهدت تعيش تفاصيل ذات التحضيرات لمعركة هي الفاصلة ، الحاسمة ، المُبددة لاحلام العُملاء والخونة والمأجورين .. ومثلما خسرنا ارضاً في أشوا ، وونج بول وأفوقي .. واحتسبنا الشهيد القائد محمد أبو الحسن والشهيد محمود شريف.. ومن قبلهم النقيب عاصم سيد وآخرين ..أيقنا بأن الايام دُول .. ونتفاءل بنصر الله في معركة الصراع الطويل بين الحق والباطل وشاهِدنا في ذلك اجسامكم النحيلة التي وقفت شواخص قبورها سدّاً منيعا لحماية دعوة ودولة اراد لها الغربيون والعملاء ان تنكسر ارادة شبابها امام فوهة الدبابات .. عند ابواب الميل ٧٢..
الآن يا عبادي أصبح العدو عند الميل ( صفر ) .. ولكأني بالشهيد يوسف سيد يقف عند تمام الصباح يحصي القادمين معه الي أبواب الجنة ، والنقيب أبو عاقلة لا يتأخر عن صف الصفوف ملوحاً بعصاة القائد .. الجميع قد تذكروا قسمهم لله بالا يُخلص لدعوتهم ودولتهم وفيهم عينٌ تطرف .. كيف ذلك وهم الذين رددوا خلفك يا مُعز عبادي بالامس القريب .. أماه لا تجزعي فالحافظ الله ….
إنا سلكنا طريقا قد خبرناه
في موكب من دعاة الحق نتبعهم
على طريق الهدى إنا وجدناه
على حفافيه يا أماه مرقدنا ومن جماجمنا تُرسى زواياه ..
سرتم الي المعركة بيقين صادق بألّا عودة للوراء وانكم الي رسول الله منطلقون ..
فيا رسول الله هل يرضيك أنا
إخوة في الله للإسلام قمنا
ننفض اليوم غبار النوم عنا
لا نهاب الموت لا بل نتمنى
أن يرانا الله في ساح الفداء…
كيف لكم التخلف عن ركب رسول الله وانتم من تعاهدتم وتركتم فينا العهد الباقي ..
إن نفساً ترتضي الإسلام ديناً
ثم ترضى بعده أن تستكينا
أو ترى الإسلام في الأرض مهينا
ثم تهوى العيش نفساً لن تكونا…
ومثلما انطلقتم وخلفتمونا كربات الخدور نردد في شوق وهمس ولا نقوى على المسير .. اصبحنا كل عام نجتر ذكراكم .. فما عادت البلد هي البلد ، ولا والبُلَد هم البُلَد .. وصدقت كلماتك حينما كنت تُشّبه الحال ( بالقطة التي أكلت بنيها )..
ما عاد في الرّكب .. يوسف سيد ولا أبوعاقلة .. وتبدلت الوجوه وأكلت القطة بنيها …
وما تبقى لنا في معين الصبر الا استبشاركم بالذين لم يلحقوا بكم من خلفكم بالا خوف عليهم ولا يحزنون وسنمضي بحول الله ولن ننكث العهد …
فقد آن للدنيا بنا أن تطهرا
نحن أُسْد الله لا أُسْد الشَّرى
قد قطعنا العهد ألا نُقبَرا
أو نرى القرءان دستور الورى
فيا دنيا غُرّي غيري ..
فكل شيء ما سوى “الدّين “هباء…
ولن يُطفأ نور شرع الله في السودان ما حيينا ..
ونقول لمن اراد ذلك
أيها الرعديد زد في القصف دون وتمادى أنت قد دونتنا حتي مغيب الشمس هل لك من زيادة قسما ان زدتنا قصفا زدناك عنادا
قسما أغلظ لن نبرحها الا بعز النصر او نصر الشهادة
ونقول للقابضين على جمر القضية
غيرنا يرتاح للعيش الذليل
و سوانا يرهب الموت النبيل
إن حيينا فعلى مجد أثيل
أو فنينا فإلى ظل ظليل
حسبنا أنا سنقضي شهداء
اخي اخ المعز عبادي …
جدد العهد .. وجنبني الكلام
إنما الاسلام دين العاملين
وأقرع الطبل وقلّدني الحسام
ثم دويها بأنا مسلمون ..
الاسلام يستغيث ..
والقوم هم القوم كأنهم قريش
والحق هو الحق .. “مرماه لن يطيش ” .
هيثم بابكر
١٦ /١١/ ٢٠٢٢م