قناة امريكية : “الاتفاق الإطاري” في السودان.. “ملفات عالقة” وانقسام حول فرص النجاح

انقسمت الآراء حول إمكانية نجاح “الاتفاق الإطاري” بين المكون المدني ونظيره العسكري في حل الأزمة السياسية والاقتصادية بالسودان، وسط حديث عن “ملفات عالقة” قد تؤدي لزيادة حدة الانقسام بين الجانبين.

وفي بيان الأربعاء، أكد ائتلاف قوى الحرية والتغيير السوداني، أنه يسعى للتوصل إلى اتفاق إطاري مع الجيش كخطوة أولى لإنهاء المأزق السياسي الذي يراوح فيه السودان منذ انقلاب أكتوبر 2021

وأنهى “انقلاب الجيش” شراكة مع الائتلاف المعارض بعد الإطاحة بعمر البشير وأغرق البلاد في اضطراب سياسي واقتصادي، وفقا لـ”رويترز”.

وبدأ الائتلاف والجيش المحادثات بدعم دولي في الأسابيع القليلة الماضية، وأكد الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان هذا الأسبوع أن الجيش قدم ملاحظاته على مشروع دستور.

وقال ائتلاف قوى الحرية والتغيير إنه توصل إلى “تفاهمات” مع الجيش استنادا إلى مناقشاتهما.

وحسب البيان فإن الائتلاف يسعى إلى التوصل إلى اتفاق مع الجيش والقوى السياسية يتناول “أهم القضايا التي شملتها هذه التفاهمات وهي إطار دستوري لإقامة سلطة مدنية ديمقراطية انتقالية تستكمل مهام ثورة ديسمبر”.

أصداء الاتفاق
يرى القيادي بقوى الحرية والتغيير، مأمون فاروق، أن “كل الدلائل تشير لاحتمالية نجاح الاتفاق الإطاري بين الجانبين، وذلك إذا التزم المكون العسكري بما وعد به سابقا”.

وفي تصريحات لموقع “الحرة”، يتحدث عن “عدم مشاركة المكون العسكري في السلطة التنفيذية، وتولي رئيس وزراء مدني مستقل مسؤولية الجهاز التنفيذي للدولة والشرطة والأمن، وتعيين رئيس لمجلس الأمن والدفاع”.

وفي حال التزام المكون العسكري بذلك فإن “فرص نجاح الاتفاق سوف تسهل الانتقال السلمي الديمقراطي للسلطة نحو دولة مدنية”، وفقا لحديث فاروق.

ويشير إلى أن “الشارع السوداني ينظر بترقب وحذر لتنفيذ الاتفاق الذي سيقود السودان نحو تجاوز أزمته السياسية والاقتصادية”.

من جانبه، يتحدث مدير معهد التحليل السياسي والعسكري بالخرطوم، الرشيد محمد إبراهيم، عن “أجواء تصالحية في السودان مدفوعة بالأوضاع الداخلية اقتصاديا وسياسيا والوساطات الخارجية”.

وفي تصريحات لموقع “الحرة”، يشير إلى “تباين بين رؤية قوي الحرية والتغيير وبين نظيرتها لدى المكون العسكري فيما يخص تطبيق الاتفاق”.

والقضايا التي تم طرحها في الاتفاق “ليست جديدة” والمشكلة في السودان حاليا ليست في النصوص والتشريعات ولكن في سبل وآليات “تنفيذها وتطبيقها”، وفقا لحديث إبراهيم.

ويشهد السودان اضطرابات منذ أن نفذ قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، “انقلابا عسكريا” في أكتوبر 2021 أطاح قوى تحالف الحرية والتغيير المدنية من الحكومة، ما أثار إدانة دولية واسعة النطاق، وفقا لـ”فرانس برس”.

ومنذ ذلك الوقت تفاقمت مشاكل البلاد التي تشهد احتجاجات دورية مناهضة للانقلاب وأزمة اقتصادية مستفحلة وصدامات قبلية متزايدة في المناطق النائية.

قضايا “عالقة”
قبل التوقيع على الاتفاق النهائي، أشارت قوى الحرية والتغيير إلى إنه سيتم إجراء مناقشات أوسع على أربع قضايا رئيسية وهي العدالة الانتقالية وإصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية ومراجعة اتفاق جوبا للسلام وتفكيك نظام البشير.

وأشار أعضاء التحالف ومحللون إلى هذه القضايا كمصادر رئيسية للتوتر بين الجيش والمدنيين والذي وصل إلى ذروته بالانقلاب، حسب “رويترز”.

وقال مصدر عسكري رفيع المستوى لـ”رويترز”، إنه تم الوصول إلى التفاهمات ولكن لا يزال هناك بعض القضايا المعلقة.

ويتحدث فاروق عن شبه اتفاق بين قوى الحرية والتغيير وبين المكون العسكري حول القضايا الأربع باستثناء “ملف العدالة الانتقالية”.

ويشير إلى أن “أصحاب الشأن في قضية العدالة الانتقالية وعلى رأسهم أسر ضحايا الأحداث التي شهدتها السودان غير حاضرين في المشهد الحالي”.

وحتى يتم التوصل لآلية ترضي أسر الضحايا يجب “إشراكهم في عملية العدالة الانتقالية”، مشددا في الوقت ذاته على “عدم وجود نقاط خلافية في ذلك الشأن”، وفقا لحديثه.

وفي الاحتجاجات المستمرة منذ الانقلاب قتل 119 شخصا، بحسب ما نقلته “فرانس برس” عن لجنة أطباء السودان المركزية الداعمة للديموقراطية.

لكن على جانب آخر، يؤكد إبراهيم، وجود عدد من “القضايا المعلقة التي لم يتم حسمها بين الجانبين”، وعلى رأسها “ملف العدالة الانتقالية، واستقلالية المؤسسة العسكرية من أي تبعية مدنية خلال الفترة الانتقالية”.

وترفض قيادات المكون العسكري أن “يتبع الجيش لرئيس وزراء مدني ويفضل أن يكون هناك استقلالية للقوات المسلحة السودانية خلال المرحلة الانتقالية”، حسب حديثه.

وفي خطاب بقاعدة عسكرية بالخرطوم، الأحد الماضي، قال البرهان، إن الجيش تسلّم “وثيقة” بشأن العملية السياسية، مضيفا أن الجيش “أعد عليها ملاحظات تحفظ له قوته ووحدته”.

وحذر الأحزاب السياسية من “التدخل” في أنشطة القوات المسلحة، قائلا إن كل من يحاول التدخل في الجيش “عدو لنا”، وفقا لـ”فرانس برس”.

وحسب حديث إبراهيم، فإن القوات المسلحة لديها تخوفات من “استخدام المكون المدني لقضية العدالة الانتقالية بشكل سياسي”، ولذلك يفضل المكون العسكري أن تكون “القضية جنائية” ينظر بها القضاء.

هل ينجح؟
ويشير إلى أن رفض المكون العسكري أن تكون الحكومة القادمة “حكومة حزبية” ويشدد على أهمية أن تكون “مستقلة”، مؤكدا أن “المسائل الأخرى قابلة للتفاوض بين الجانبين”.

لكن فاروق يؤكد أن “ملف العدالة الانتقالية” يمثل أولوية لدى المكون المدني وباقي القضايا “يمكن تجاوزها”.

ويشير فاروق إلى أن “المكون العسكري” لديه تخوفات بشأن “المحاكمات والقضايا” وهي من صميم ملف العدالة الانتقالية، معتبرا أن تلك النقطة “تمثل مسار لغط وتحفظ وتخوف من بعض أطراف الاتفاق”.

يتحدث مأمون فاروق عن “تفاؤل بشأن نجاح الاتفاق”، قائلا” يجب أن ينجح لأنه المخرج الوحيد للشعب السوداني من أزماته”.

لكن على جانب آخر، يرى إبراهيم، أن فرص نجاح أو فشل الاتفاق “متساوية”.

Comments (0)
Add Comment