استمعت أمس لحشد نداء السودان وغالب هؤلاء من التيارات الإسلامية المعتدلة وهي تهتف لعودة محمد عثمان الميرغني( ابوهاشم) وهتاف التيار الإسلامي للميرغني لم ينبت من الفراغ العريض ولكنه تعبيرا عن رضاء واحتفاء الإسلاميين بالمواقف المعلنه من زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي والمتمثلة في رفض التدخل الأجنبي الذي بلغ حد وضع دستور للبلاد نيابة عن شعبها وتولى المبعوث الأممي التبشير بالدستور ومحاولة تسويقه وسط القوى السياسية ودعوة الميرغني للتفاوض بين السودانيين لوحدهم لتشكيل حكومتهم ورفضه إعادة صياغة المجتمع ثقافيا وفكريا وتغريبه وجدانيا ورفض الميرغني ثنائية الحل وأبدى موقفا داعما لقومية الفترة الانتقالية ومشاركة الجميع دون عزل أو إقصاء لأحد مما جعل مواقفه تلامس مواقف غالب الشعب السوداني
وعودة مولانا محمد عثمان الميرغني من منفاه الاختياري أن صح تعبير منفى في بلد مثل مصر تعتبر مأوى وملاذ للسودانيين في عسرتهم وضيقهم بسبب العيش أو صراعهم الذي لاينقضي تاخرة العودة كثيرا حتى شكك البعض في العودة المرتقبة باعتبار أن ثمة أكثر من عودة أعلنت من قبل ولكن الميرغني لم يعود الا ان الوضع الآن يلح على الرجل الثمانيني إلحاحا بالعودة لبلد تمشي على حافة الهاوية وتحاول تجنب السقوط وقد افلحت مرات ولكنها قد لاتفلح في المستقبل بعد أن أصبح نشيد الراحل وردي( سيد نفسك مين اسيادك) مجرد نظم حالم لعالم مضى وقد أصبح للسودان اسيادا من العرب والعجم وبات مايسمى بقادة البلاد مجرد مخبرين للسفراء الأجانب ويباهي البعض بأنه يستطيع الدخول على السفير السعودي في مخدعه واخر يقول انه يهاتف السفير الإماراتي كل صباح حتى قبل أن يلقي التحية لزوجته وأهل بيته
وعاث العسكر وسط قوي الحرية والتغير التي نصبت نفسها وصيا على الشعب السوداني تقسيما وتفتيتا وتلاعب العسكر بصبيان السياسية ممن لا خبرة لهم في فنيات التفاوض ولا قواعد الحوارات وتركت البلاد في حالة سيولة تنفيذية وسياسية وأمنية واجتماعية عطفا على غياب القادة الكبار بعد رحيل الصادق المهدي والترابي ونقد وبقي الميرغني العائد بعيد غياب طويل وحده يصارع صبية السياسة الذين تعوزهم الخبرة والحنكة لا بإدارة بلد مثل السودان ولكن لقيادة عشرة أفراد من عامة الشعب المطحون بالمسغبة والفقر
عودة الميرغني هي عودة للحزب الاتحادي الديمقراطي صاحب الرصيد الجماهيري الكبير ودونكم نتائج انتخابات ١٩٨٦ حينما حصل الحزب على أعلى الأصوات من جملة كل المصوتين في الانتخابات وعلى ٦٣ مقعدا في الجمعية التأسيسية وأمام الميرغني فرصا تاريخية تلوح الان وربما يحصد ثمارها في الانتخابات القادمة ان اتخذ الحزب لنفسه مسارا مغايرا لمسارات القوى المتحالفة تحت غطاء الحرية والتغير فالميرغني في غياب الإسلاميين وعزم سفراء الدول الأربعة الحاكمة للسودان الان حرمان اي حزب لايويد دستور الخارجية الأمريكية المسمي بدستور نقابة تسيير المحامين من خوض الانتخابات وسن قانون عزل سياسي على خطى عزل النازية في أروبا فإن الحزب الاتحادي الديمقراطي سيجد نفسه بلامنافس في الساحة بعد أن أختار حزب الأمة لنفسه مقامه الحالي الذي يليق بقيادته ولا يليق بقاعدة الأنصار الصادقة المجاهدة
ولن ينافس التيار اليساري المنشق من الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وعودة الميرغني تعني صمت محمد عصمت ومضارات جعفر حسن لنفسه وتفرغ ال الدقير لتجارة الذهب والشراكة مع حميدتي قبل أن يغدر بهم أو يغدرون به ومن طرائف الراحل ابو منصور وهو من رموز الاتحاديين بدارفور وظلت دائرة كأس منطقة مضمون الفوز بها للاتحادي لوجود شخصية مثل الراحل ابو منصور الذي قربه إليه الحاج عطالمنان عندما كان واليا على جنوب دارفور ومنحه منصبا شرفيا في المؤتمر الوطني ولكن فجأة دعا الميرغني قيادات الحزب إلى القاهرة لمؤتمر تداولي ومن بينهم ابو منصور وقد ظن الحاج عطالمنان بأن الرجل قد أصبح مواليا له وسافر ابو منصور للقاهرة وحينما عاد جلس في بيته يستقبل زعماء الفور ويحدثهم عن مؤتمر الحزب
شعر الحاج بضرورة زيارة ابو منصور رفعا للحرج وبعد اخد ورد سأله الوالي ياابو منصور انت ماكنت معانا يعني خليتنا ضحك الرجل وضحك الحاج ورد قائلا (ياسيد الوالي ولد صغيرون اما سافرت بعيد ولم تعد فذهب لخالته لترعاه وبعد سنوات أمه عادت بقعد مع خالته ولا برجع لأمه)
هكذا سيعود المنشقين من الحزب الكبير لاحضان امهم وعودة الميرغني تعني أن يعود لتيار الوسط وجوده ونفوزه وهو تيار عريض جدا
وعودة الميرغني ستنهي ثنائية أبنائه جعفر والحسن إذا اسعفت عوامل السن الرجل لأن صراع السيدين جعفر والحسن سيهدد كل المكاسب التي تحققت للحزب من تلقاء ضعف الآخرين ونجاعة السيد الميرغني في اتخاذ المواقف الصحيحة