تكمن أهمية توقيع الاتفاقيات في الشأن المعني بتطوير البنى التحية للدولة لتسهيل حركة الاستثمار والتجارة ورفع الإنتاج المحلي وإنعاش الاقتصاد، لكن الاستعجال في توقيع مثل هذه الاتفاقيات دون نظرة استراتيجية سيكون خصماً على اقتصاد الدولة، وربما تعقبها اتفاقيات أخرى في الطرق القومية والجسور والمطارات والكهرباء والمياه وغير ذلك، بعض المراقبون يروا أن العجلة في التوقيع لهذه الاتفاقيات الضخمة، ما هو إلى استغلال لحالة الهشاشة السياسية والإدارية وحالة اللا دولة وبالتالي قد تكون فرصة للدول المتصارعة على ثروات البلاد لتكبيل السودان باتفاقيات لا يقبلها النظر الاستراتيجي، البعض يرى من الأفضل توجيه السقف إلى عدة مشاريع لتطوير البنى التحتية مثل المطار والكهرباء بالطاقة البديلة والتوسع الزراعي والصناعات الغذائية والتعدين والنفط والغاز.
إنشاء الخط
وكانت الحكومة السودانية وقعت اتفاقاً مع شركة الخليج للبترول المحدودة، لإنشاء خط سكة حديد بورتسودان – أدري مع الحدود الغربية مع الدولة التشادية، بتكلفة 15 مليار دولار بتمويل من شركة الخليج للبترول المحدودة عبر نظام البناء والتشغيل، وبحسب تعميم صحفي صادر من إعلام المالية، ووقع نيابة عن حكومة السودان وزير النقل هشام أبوزيد، فيما وقع عن شركة الخليج للبترول المحدودة رئيس مجلس الإدارة للشركة عبدالعزير الدليمي.
من جانبه أكد وزير النقل هشام علي أبو زيد اكتمال توقيع اتفاق إنشاء خط سكة حديد بورتسودان – أدري بطول 2467 كيلو متر، وقال هشام عقب التوقيع إن هذا المشروع بدأ العمل عليه منذ عام ونصف، وسيخدم (134) محطة تتفاوت بين المدن والقرى والمحطات الخلوية مروراً بالمناطق الحضرية والريفية.
نظام البوت
قال وزير المالية جبريل إبراهيم، إن هذا المشروع يأتي في إطار سعي الدولة لإرساء البنى التحتية بنظام البوت ونقل الملكية وإنشاء المشروعات الأخرى بنفس النظام، لربط الميناء الرئيس للبلاد بآخر نقطة في المنطقة الغربية، مؤكداً أن الخط يخدم 4 دول أفريقية منها تشاد وأفريفيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا، وتابع: إن دراسة المشروع الأولية بتكلفة قدرها (15) مليار دولار.
أحدث التقنيات
ومن جانبه قال رئيس مجلس إدارة شركة الخليج عبدالعزيز الدليمي، إن المشروع سينفذ بأفضل وأحدث التقنيات في العالم، وأكد أنه سيسهم في إزالة الصعوبات اللوجستية في نقل البضائع والركاب من مناطق الإنتاج إلى الاستهلاك.
حالة اللا دولة
الأمين العام السابق للرابطة الشرعية للعلماء والدعاة ومدير إدارة التعريب بجامعة الخرطوم البروفسور، علاء الدين الزاكي، قال: لا أحد يعترض على أي اتفاقات من شأنها تطوير البنى التحية للدولة باعتبار أن تطوير البنى التحتية يسهل حركة الاستثمار والتجارة وينعش الاقتصاد ويرفع الناتج المحلي، بيد أنه أشار إلى النظر الاستراتيجي لهذه الاتفاقية يقول إنها تعتبر من أخطر أنواع الاتفاقيات باعتبار أنها تمثل بنية تحتية مهمة لها ما بعدها، ويبين: أنها قد تكون واحدة من أدوات التصرف غير السليم في الثروات الوطنية لغياب الرؤية الشاملة، وذهب بالقول: الاستعجال في توقيع مثل هذه الاتفاقيات بدون نظرة استراتيجية سيكون خصماً على بنية الدولة واقتصادها، ويتوقع أنه ستتبعها اتفاقيات في الطرق القومية والجسور والمطارات والكهرباء والمياه وغير ذلك، مبدياً خشيته عبر تدوينة له عبر صفحته في منصة التواصل الاجتماعي (فيسبوك) أن تكون العجلة في التوقيع على هذه الاتفاقات الضخمة استغلالاً لحالة الهشاشة السياسية والإدارية وحالة اللا دولة وبالتالي قد تكون فرصة للدول المتصارعة على ثروات البلاد لتكبيل السودان باتفاقيات لا يقبلها النظر الاستراتيجي، ويرى أنها توقع في ظل غياب حكومة متماسكة ذات برنامج محدد.
الصراع الاستراتيجي
وأرجع بروف الزاكي هذه العجلة لضعف في العقلية السودانية التي خفي عليها المشهد الخارجي المتمثل في حاجة الدول لموارد السودان خاصة الزراعية بعد موجة الجفاف التي ضربت أوربا وضعف الأراضي الزراعية في كثير من الدول بسبب التعديل الوراثي أحياناً والتوسع في استخدام الأسمدة الكيمائية، ويؤكد أن هذه الثروات ليست ملكاً للحكومات، بل هي ملك للشعوب التي قال عنها إن التصرف فيها بما لا يحقق مصلحتها يضر بمستقبلها، ولفت إلى أنه تكمن خطورة هذه الاتفاقية في أنها جاءت في ظل الصراع الاستراتيجي الدولي على الموارد، مشيراً إلى أن السودان يقع في دائرة اهتمام سيما أن أنظار العالم الآن متوجهة إليه، مؤكداً أنها استخدمت فيه أخطر أدوات الصراع في السنوات الماضية حتى جاء الوقت المناسب للدخول في اتفاقيات لأجلها، ويعتقد أن أفضل وسيلة للخروج من دائرة هذا الصراع الاستراتيجي الدولي هو مواجهته برؤية استراتيجية وطنية شاملة ومتماسكة نابعة من عصارة أفكار خبراء السودان فضلاً عن وجود عقل استراتيجي يشرف على تنفيذها يتكون من عدد من خبراء التخطيط الاستراتيجي القومي، وبحسب ما يراه بغير هذا سيتكبل السودان باتفاقيات يصعب التخلص منها عند اكتشاف عورها وستقع ثروات البلاد في يد من لا يستحقها.
غير متساوية
بينما يقول الخبير المصرفي لؤي عبد المنعم بخصوص خط السكة المزمع قيامه بين السودان وتشاد بتكلفة 15 مليار دولار: لا يوجد ما يمنع من تطوير العلاقات مع الجارة تشاد، بيد أنه نوه إلى أن المشكلة تكمن في أن المنافع المتبادلة غير متساوية، تشاد متوقع أت تستفيد أكثر من استفادة السودان، متعحباً يقوله: (معقولة نشجع استثمار 15 مليار دولار لخدمة دولة جارة أكثر من خدمة بلدنا) قائلاً: أنصح المستثمر بتوجيه السقف إلى عدة مشاريع لتطوير البنى التحتية مثل المطار والكهرباء بالطاقة البديلة والتوسع الزراعي في السمسم وغابات الصمغ والذرة والصناعات الغذائية والتعدين والنفط والغاز أو توصيل السكة إلى إثيوبيا.