تبلد الأفكار وغياب الأدوار

مزمل عليم
muzamilmozart@gmail.com
– خلق الله رب العالمين المخلوقات من كائنات حية وجمادات ولكل مخلوق دور معين في هذه الحياة يقوم به.. لذلك تسير الحياة بوتيرة التدبير الإلهي منذ الأزل..
– فمثلاً الشمس تشرق كل يوم لتهب لنا الضياء والدفء وتملأ حياتنا بالنور والنشاط يعقبها القمر في المساء سراجاً منيراً متعدد الأشكال طوال فترة الشهر، فالقمر لا يستطيع أن يقوم بدور الشمس ولا هي تستطيع أن تعوض القمر، حيث لكلٍ دوره المحدد حسب قدرته الطبيعية!!
– منذ فترة ليست بالقريبة أصبحنا نعاني أكاديمياً من تكدس الطلاب لدراسة المجالات الطبية بنهم وشراهة تزداد كل عام!! هل يرجع هذا بسبب رغبة كل هذه الأعداد لدراسة هذا المجال أم إن هناك خطب آخر دعاهم لذلك!!
– للأسف غالبية منتسبي هذه الكليات يدخلونها بدون رغبة حقيقية إلا ما ندر من يملك الرغبة لذلك، فجل الطلبة والطالبات يدخلون بسبب رغبة الآباء والأمهات وكثيراً ما نلقي جملاً على أطفالنا مفادها: (يا ولدي دايراك تطلع دكتور قدر الدنيا) أو (لازم تطلع دكتور عشان ترفع راسنا).. هل رفع رأس الأسرة لا يتم إلا بدراسة الطب فقط لا غير!!؟؟
– هناك من يدخل هذا المجال الطبي من أجل العائد المادي الكبير الذي ينتظره في دول الخليج التي تستقطب الأطباء والممرضات من السودان على مدار العام!!
– إذا أصبح كل خريجي الجامعات من كليات المهن الطبية فكيف سنقوم بتأسيس دولة المستقبل الحديثة بدون محاسبين وخبراء اقتصاد ومهندسين في مختلف المجالات وغيرها من الكليات، أعرف أن هناك أعداد سنوية متخرجة من الكليات المذكورة سابقاً، لكن بدون طموح وبدون تأثير على واقعنا المعيشي لأن كلياتهم نفسها أصبحت مهمشة وكل الأهمية فقط أصبحت لكليات الطب والصيدلة وطب الأسنان والمختبرات باهظة الثمن لدارسيها الأغنياء!!
– تبلد الأفكار يتبلور عندما تجد أن عدد الأطباء أصبح أكثر من عدد المرضى!! وغياب الأدوار يتجلى في غياب الأساتذة المتمكنين والمهندسين المبتكرين والاقتصاديين ذوي الحلول الناجعة لمشاكل الاقتصاد لأن أغلب هؤلاء تم تصديرهم لدراسة المجالات الطبية دون رغبة حقيقية لتفقدهم مجالاتهم الحقيقية وكذلك يفقدهم مجالهم الطبي بسبب عدم قدرتهم على الإبداع فيه.
– يجب أن تدخل وزارة التعليم العالي في إيقاف هذا العبث الذي يتعلق بهذا الكم الهائل من الكليات الطبية التجارية التي أصبح لا هم لها سوى جمع أموال المغتربين لبيع كلمة (دكتور ودكتورة) بمليارات الجنيهات..
– من الأهمية بمكان الارتقاء بباقي الكليات غير الطبية نريد أن نرى علماء ومبتكرين حقيقيين في مختلف المجالات لينضموا بعد ذلك لرصفائهم في الكليات الطبية ليكتمل الانصهار في بوتقة تكامل الأدوار وأن لا نشاهد صاحب عقلية هندسية معمارية فذة يجبر على دراسة الصيدلة وأن لا نشاهد خبيراً اقتصادياً ضليعاً يضيع بين مراجع طب الأسنان، دعوهم لرغباتهم أيها الآباء والأمهات، فالنجاح يأتي برغبة الاختيار وليس بفرض الآراء الذي يؤدي الى عدم الابتكار في شتى المجالات.

Comments (0)
Add Comment