موافقة الثورية من الاتفاق الإطاري … تكتيك أم خلافات؟

مصطفى تمبور: لم نوافق على الاتفاق الإطاري بشكل قاطع
إدريس لُقمة: ليست هناك جبهة ثورية حقيقية والبيان يمثل أشخاصاً
الفاتح عثمان: تباين مواقف الثورية تكتيكي ولا يعبر عن خلافات
الخرطوم: أمنية مكاوي
عصفت الخلافات بالجبهة الثورية بعد أن رفضت حركة العدل والمساواة لمؤتمر الجبهة الذي انعقد بحاضرة إقليم النيل الأزرق الدمازين قبل أشهر، وهو ما يؤشر إلى خلافات قوى الكفاح المسلح الذين ومن خلال الجبهة الثورية توصلوا إلى السلام وتوقيع الاتفاق التاريخي بعد سنوات من الحرب، وبعدها ارتفعت وتيرة تباين واختلاف الرؤى المتعلقة بمرحلة ما بعد السلام والانتقال إلى العمل السياسي السلمي.
ويرى محللون سياسيين أن مؤشرات عدم صمود الجبهة كانت واضحة منذ البداية وليس مستغرباً أن تطفو الخلافات إلى السطح في الوقت الراهن بالنظر إلى الأوضاع السياسية والتجاذبات والتقاطعات الموجودة إلى جانب عدم وحدة الموقف بين المكونات خاصة في الفترة التي أعقبت انقلاب 25 أكتوبر، مؤكدين أن الخلافات هذه ستؤثر على التحالف الداعم للانقلاب، وقد جاءت مؤخراً موافقة الجبهة الثورية بالاتفاق الإطاري الذي يرفضه الجميع، فيما وجهت لها السهام مرة أخرى بأنها لا تمثل إلا أشخاصاً!!
رفض ومقاومة
يؤكد رئيس الحركة الشعبية شمال مالك عقار، رفضهم ومقاومتهم لأي تسوية سياسية لا تأخذ في الاعتبار اتفاق سلام جوبا، وقال عقار في تصريح صحفي: كثر هذه الأيام الحديث عن التسوية بين قوى الحرية والتغير والمكون العسكري بالتوصل لاتفاق إطاري، ويدعون المكونات الأخرى بالانضمام لهم، وأضاف: نقول لهم إن علاقتنا بأي تنظيم أو تسوية تحدّدها علاقة التسوية باتفاق سلام جوبا، أي تسوية لا تأخذ في الاعتبار تنفيذ اتفاق جوبا للسلام مرفوضة، وسنقاومها حتى لو أتت مبرأة من كل سوء، وتابع: “يعمّق هذا تعقيد المشهد السياسي السوداني المعقد أصلاً، وإن إجراءً كهذا يطعن في تعددية الدولة السودانية أولاً، وثانياً مؤشر بأن الدولة مملوكة لفئة معينة يوزعون صكوك المواطنة لبقية السودانيين والسودانيات وهذا غير مقبول، واعتبر عقار أن تسوية كهذه مولودة مُحتضرة، ومناداة القائمين على تلك التسوية بتقييم اتفاقية جوبا للسلام، وتقويمها ومراجعتها قبل تنفيذها، كلها عبارات تُبطِن إلغاء اتفاق سلام جوبا، وزاد: “الذين ينادون بذلك لا يعرفون معنى الحرب ومعاناة الذين تأثروا مباشرة بها من تشريد وقتل وفقدان ممتلكات والأراضي وفقدان أبسط مقومات الحياة في معسكرات اللجوء والهوان، لا يعرفون معنى أن هناك أكثر من ثلاثة أجيال لم تتاح لهم فرص التعليم، يجهلون أن هناك أيدٍ منتجة عاملة خارج دائرة اقتصاد السودان، لابد من تسوية سودانية المنبع والمصب دون رهن إرادة السودانيين والسودان لتصارع مصالح الدول، ولا بد أن يتفق جميع السودانيين والسودانيات أولاً وهم قادرون.
ملاحظات ومواقف
وقال رئيس حركة تحرير السودان مصطفي تمبور إن اجتماع الجبهة الثورية جاء بحضور جميع التظيمات وإن الجبهة الثورية لم توافق على الاتفاق الإطاري بشكل قاطع ولم نبدِ برأي ثابت، ولدينا ملاحظات على مسودة دستور المحامين التي طرحت، وأيضاً لدينا ملاحظات حول الإطار الذي قدم من مجموعة الحرية والتغيير المجلس المركزي، وأوضح مصطفى في حديثه لـ(اليوم التالي): تم تكوين لجنة للجلوس مع رؤساء التنظيمات لتسجيل مواقفهم وآرائهم حول الإطارين ويتم تسليمها إلى الحرية والتغيير في حال تم التوافق حولها من قبل التنظيمات، وشدد مصطفى على عدم المساس باتفاق جوبا لا تعديلاً لا تقويماً لا إلغاءً.
تجاوز وسقوط
فيما يرى المحلل السياسي بروف صلاح الدين الدومة في تصريح لـ(اليوم التالي) أن الجبهة الثورية لم تؤثر على الوضع وذلك لأن قياداتها متفقة مع المكون الانقلابي، وتابع الدومة: على الحرية والتغيير أن تتجاوزهم ولا تأخذ برأيهم حول الأفكار السياسية ويقول إن الحبهة الثورية تفتقد جماهيرها وأن ما يحرك الشارع الآن الحرية والتغيير ولجان المقاومة.
وقال القيادي بحركة العدل والمساوة د. إدريس لقمة ليس هناك جبهة ثورية حقيقية وأن الجبهة الثورية تساقطت منذ العام ٢٠١١، لذلك بيان الثورية يمثل أشخاصاً فقط هذا واضح وليس لديه أثر، وأضاف لقمة في تصريح لـ(اليوم التالي): الآن الجبهة الثورية ليست لها أمانة عامة تم تجميدها من عام وأن من يتحدثون باسم الجبهة الثورية الآن يبحثون عن مصالح شخصية مثل الهادي إدريس أسامة سعيد وخالد شاويش، وأن الجبهة الثورية بغير الحركة الشعبية شمال وحركة العدل والمساواة وحركة جيش تحرير السودان ليس لها وزن.
انقسامات سياسية
ويعتبر المحلل السياسي الفاتح عثمان أن الاتفاق الإطاري بين قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وبين العسكر جاء صادماً للعديد من القوى السياسية السودانية، ونتجت عنه ردود فعل متباينة وتسبب في انقسامات داخل كثير من القوى السياسية السودانية أبرزها الجبهة الثورية والمؤتمر الشعبي والاتحادي الأصل، ولم تنجُ قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ذات نفسها من هذا الانقسام في مواجهة الاتفاق الإطاري، وأضاف عثمان: ففي الوقت الذي أيد فيه د. الهادي إدريس وأسامة سعيد وخالد شاويش الاتفاق الإطاري في خطوة مبكرة لكسب قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والعسكر لصالح مسار الشرق في مواجهة الرافضين له وللاتفاق الإطاري من أبناء شرق السودان، نجد أن أبرز مكونات الجبهة الثورية أي حركات مناوي وجبريل وعقار رافضة للاتفاق الإطاري لأنه سكت عن تأييد اتفاقية جوبا للسلام بشكل واضح .
وقطع عثمان في حديثه أن التباين في المواقف تجاه الاتفاق الإطاري من قبل أطراف الجبهة الثورية هو تكتيكي ولا يعبر عن خلافات حقيقية خاصة اذا استصحبنا حقيقة أن الجبهة الثورية نفسها عبارة عن تحالف سياسي وليست جسماً موحداً وهو أصلاً غير قابل للاستدامة ومن المتوقع تلاشي الجبهة الثورية بمجرد بدء الانتخابات بحكم الاختلافات الكبيرة بين مكوناتها والتي غالباً ستضطر لبناء تحالفات جديدة، لكن في الوقت الحالي يجمع بينها أنها جميعاً جزء من اتفاقية جوبا للسلام وهي اتفاقية حققت لهم جميعاً مكاسب سياسية كبيرة يرغبون جميعاً في الحفاظ عليها ولذلك سيحافظون على وجود للجبهة الثورية في الوقت الحالي .
اتفاق إطاري
وأكدت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، أنها تسعى للتوصل إلى اتفاق إطاري مع الجيش كخطوة أولى لإنهاء المأزق السياسي.
وكشفت تقارير إعلامية عن وثيقة اتفاق الوشيك بين العسكريين والمدنيين في السودان، وتنص الوثيقة على تشكيل حكومة كفاءات برئيس مدني، على أن تختار القوى المدنية رئيس الوزراء، والوزراء، وتشكيل مجلس للأمن والدفاع يتبع رئيس الوزراء، على أن يكون البرهان القائد العام للقوات المسلحة، وحميدتي قائداً لقوات الدعم السريع.
وطبقاً للتقارير، توصل العسكريون مع قوى الحرية والتغيير إلى اتفاق بشأن الكثير من القضايا، فيما لا يزال النقاش مستمراً بشأن النقاط الخلافية، في أول تحركات جادة نحو اتفاق شامل بين الجانبين، منذ 25 أكتوبر 2021.
وكانت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي اشترطت في الدستور الانتقالي الذب صاغته لجنة المحامين على أن يكون هناك مجلس السيادة مدني وأن يخضع مجلس الأمن والدفاع لسلطة رئيس مجلس الوزراء.

Comments (0)
Add Comment