هزت جريمة امتداد ناصر شرق الخرطوم أمس الأول والتي راح ضحيتها أسرة كاملة، بطريقة بشعة.
تفاجأ رب الأسرة حاتم مضوي بعد أن دفع باب شقته حوالي الساعة التاسعة من مساء الجمعة بمقتل زوجته وابنه وابنته والعاملة بالمنزل معهم.
الشرطة حتى كتابة هذا التقرير لم تقل شيئاً، لكنها ظلت مواصلة لتحرياتها للوصول للجناة.
هذه الحادثة لم تكن الأولى خلال السنوات التي مضت فقد حدثت حوادث لا تقل بشاعة عنها راح ضحيتها أبرياء، إلا أن الشرطة تمكنت من القبض على الجناة، منهم من تمت محاكمته ومنهم من لا يزال محاكمته جارية.. في هذه المساحة نستعرض بعض الجرائم التي سيطرت على الرأي العام خلال السنوات الماضية.
مقتل د. مجدي ووالدته
بدأت تفاصيل قضية مقتل د. مجدي أحمد الرشيد اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة، ووالدته بمنزل الأسرة بشارع 51 بحي العمارات بالخرطوم في يونيو العام الماضي، عندما افتقده أصدقاؤه بعد غياب دام أكثر من أربعة أيام، تم الاتصال بالشرطة التي بدورها حضرت إلى مكان الحادث، وقامت بكسر باب منزل القتيل بشارع (51) بحي العمارات بحضور وحدة مسرح الجريمة.
عثر على جثته مقيدة في وضع السجود ومتحللة وحولها دماء كثيفة تدل على قتله طعناً بآلة حادة، ثم وجدت نظارته على السلم، فيما وجدت جثة والدته في غرفتها وهي أيضاً مقيدة ويبدو أنها قتلت خنقاً، فيما اختفت سيارة القتيل توسان موديل (2020).
القبض على المتهمين
كثفت الشرطة من تحرياتها واستطاعت في أيام معدودة القبض على الجناة في مدينة الضعين بولاية شرق درافور، بعد أن وصولوا إليها مستخدمين أوراق وبطاقات إحدى الحركات المسلحة والتي مكنتهم من عبور نقاط التفتيش في الطريق بين الخرطوم وكردفان ودارفور.
توجيه تهمة النيابة
وباكتمال التحريات، وجهت النيابة تهمة تحت المادة 130 والمادة 175 في مواجهة المتهم الأول، كما وجهت النيابة تهمة تحت المادة 107 والمادة 181 من القانون الجنائي في مواجهة المتهم الثاني، وأحالت الأوراق للمحكمة.
خلافات ورثة
كشف المتحري نقيب شرطة أسامة أحمد عبدالله أنه تم إلقاء القبض على أربعة متهمين من ضمنهم شقيقة المجني عليه، واثنان من أبنائها وذلك لوجود خلافات حول الورثة بين المجني عليه وشقيقته، على إثرها دوَّن المجني عليه عدداً من البلاغات ضدها لتشطب النيابة الاتهام في مواجهة شقيقة المجني عليه وأبنائها لعدم وجود بينات.
إقرار المتهم بالجريمة
وأفاد المتحري الرابع بالقضية بأن المتهم الأول أقرّ بأداة الجريمة عبارة عن (حديدة سباكة)، وتعرف المتهم عليها خلال عرضها كمستند اتهام بواسطة المتحري أمام المحكمة، وأكد المتهم استخدامها لتنفيذ الجريمة.
أقوال المتهم
وتلا المتحري أقوال المتهم الثاني بالقضية؛ وأكد خلالها (أن المتهم الأول ابن عمه وأتى الثاني للخرطوم في مايو 2021، وأقام المتهم الثاني مع المتهم الأول وواصل المتحري سرد أقوال المتهم، وأفاد أنه بتاريخ السادس من يونيو أكد المتهم الثاني عودته للنهود وتوجه إلى منطقة بابنوسة ليتجه بعدها إلى منطقة الضعين، وأضاف: بمنطقة الضعين حضر المتهم الأول يقود عربة بيضاء تحمل لوحات الجبهة الثالثة تمازج، وأخبره أن اللوحة اشتراها من الخرطوم، واشترى المتهم الثاني جهازي جوال باللون الأخضر والأزرق مقابل مبلغ (70) مليوناً من المتهم الأول، وأشار إلى العثور على المعروضات بحوزة المتهم الأول، ليلقى القبض على المتهمين بواسطة المباحث بالعين، وأقر المتهم بالأقوال الواردة على لسان المتحري.
تقديم مستندات
وقدم المتحري الرابع مجموعة من المستندات تخص القضية عبارة عن (23) مستند اتهام، وقدم المتحري مستند اتهام رقم (9) عبارة عن أسطوانة (سي، دي) تحتوي تقريراً مصوراً للإجراءات الفنية التي نفذها مسرح الحادث الخرطوم، وأكدت المحكمة عدم توفر جهاز بروجكتر لعرض المستند لتؤشر عليه المحكمة وأرجأت مناقشته، وطلب الاتهام إحضار جهاز بروجكتر الجلسة القادمة لعرض السي دي.
الأدلة الجنائية
وأضاف المتحري بتاريخ 23/6/2021 أرسلت الإدارة العامة للأدلة الجنائية – دائرة المختبرات الجنائية، إفادة متعلقة بالمعروضات التي حرزها مسرح الحادث عند زيارة منزل المجني عليه قدمها المتحري كمستند اتهام بالرقم (10).
وقدم المتحري مستند اتهام (11) عبارة عن إفادة الإدارة العامة للأدلة الجنائية الصادرة من المختبرات الجنائية بتاريخ 2362021 المتعلقة بالمعروضات التي حرزها مسرح الحادث وعثر عليها داخل منهول كافيه شهير بالعمارات.
كما قدم المتحري بتاريخ 57 2021 إفادة الإدارة العامة للأدلة الجنائية المتعلقة بالمعروضات التي عثر عليها داخل منزل المجني عليهما، وذلك عند معاودة زيارة مسرح الحادث لموقع الجريمة.
حجز الملف للقرار
حجزت المحكمة القضية للفصل، وذلك بعد أن أيدت محكمة الاستئناف قرار محكمة الموضوع في تبرئة المتهم الثاني من إدانته بالتستر الجنائي على المدان الأول في القضية، وأمرت المحكمة بالإفراج عنه لعدم تقديم بينة كافية.
جريمة حي الدناقلة
أصدرت محكمة بحري برئاسة القاضي عارف محي الدين عقوبة الإعدام شنقاً حتى الموت لشاب متهم بقتل الزوجين بحي الدناقالة، وذلك بعد أن خيرت المحكمة أولياء دم القتيلين ما بين العفو والدية أو القصاص، وتمسكوا بحقهم الشرعي في القصاص، وأشارت المحكمة إلى أن جميع أركان الجريمة قد توفرت بالإضافة إلى توفر القصد الجنائي، لافتة إلى أن المتهم لم يستفد من موانع المسؤولية أو الدفوعات التي تحيل تهمة القتل العمد إلى شبه العمد.
تفاصيل مقتل زوجين ببحري
الجريمة التي روعت الخرطوم أيضاً كانت جريمة مقتل زوجين ببحري شمالي العاصمة، في الساعات الأولى من صباح 9 يونيو من العام 2018 في حي (الدناقلة) إثر تلقيهما طعنات قاتلة من يد مجهول – تم القبض عليهم لاحقاً – حيث تلقى الزوج أكثر “10” طعنات فيما تلقت الزوجة “9” طعنات، وانتهز الجاني فرصة خروج ابنهما الوحيد لصلاة التهجد، وتسلل إلى المنزل بالقرب من البيت السوري (بحي الصبابي)، ولم يكتفِ الجاني بذلك، بل استولى على عربة آكسنت موديل 2018 تخص المجني عليه.
مفاجأة صادمة
عند حضور الابن إلى المنزل عقب انتهائه من صلاة التهجد فوجئ بوالده جثة هامدة غارقة في دمائها، ووالدته في الرمق الأخير، بعد أن نزفت كمية كبيرة من دمها، ما دفعه للإسراع وإبلاغ الشرطة التي هرعت للمكان وحاولت إسعاف الزوجة، بيد أنها لفظت أنفاسها ولحقت برفيق دربها، وتولت شرطة قسم بحري وسط بالإجراءات اللازمة، وتم نقل الجثامين إلى مشرحة أم درمان للكشف عليهما بواسطة الطب الشرعي لتحديد أسباب الوفاة.
وقال ابن المجني عليهما إنه تلقى اتصالاً من شخص لتناول العشاء بمطعم شهير ببحري هو وأصدقائه، وذهب ملبياً الدعوة ولم يجد أحداً، وعاد أدراجه إلى منزله ووجد والديه يسبحان في دمائهما، وكان مجهولان قد دخلا على والديه في غيابه عقب صلاة التراويح بغرض سرقة سيارة والده، وأبلغ الشرطة التي خفت لمكان الحادث وتم تطويق المنزل بالكامل لتحريز البصمات وآثار الجريمة.
احتجاجات المواطنين
وبمرور أكثر من شهر لم يتم فك طلاسم القضية بالقبض على الجناة، مما مهد لمصاحبة الجريمة احتجاجات واسعة من قبل المواطنين، حيث احتج عدد من أهالي حي الدناقلة على عدم فك طلاسم الجريمة، وأشاروا خلال احتجاجهم إلى جرائم سابقة مشابهة إلا أن الشرطة تمكنت من حلها بكل احتراف ومهنية، وناشدوا السلطات أن تكثف تحرياتها وتلقي القبض على الجناة، في وقت أكد فيه الأهالي ثقتهم العالية في الشرطة وأفرادها الذين يعملون دون كلل أو ملل في سبيل أمن المواطن.
بيان الشرطة
وقالت الشرطة في بيان لها وقتها، إن مجهولاً تمكن فجر التاسع من يونيو 2018 من دخول منزل المواطن (الصادق عبد الرحمن الرفاعي) بمحلية الخرطوم بحري حي الدناقلة، وتمكن من تسديد طعنات أودت بحياته وزوجته كما تمكن من سرقة عربة المجني عليه، وأكدت الشرطة – بحسب التعميم – استنفار كافة وحداتها للقبض على الجاني وتقديمه للعدالة بأسرع ما تيسر، وأشارت إلى أنها ستكثف تحرياتها لجمع المعلومات عن الحادثة.
فك طلاسم الجريمة:
بعد أربعة أشهر من الغموض نجحت مباحث شرطة ولاية الخرطوم في فك طلاسم الجريمة، وألقت القبض على القاتل حيث كان البلاغ مدوناً ضد مجهول تمكن من قتل الزوجين، وأشارت الشرطة إلى أنه بعد أن توفرت معلومة لديها بأن الجاني من معتادي إجرام ويقضي عقوبة السجن بعد إدانته في جريمة سرقة، وينتظر أحكاماً في بلاغات أخرى، فقامت بإلقاء القبض عليه ومواجهته بالاتهامات التي أقرَّ فيها بارتكابه الجريمة، دون معرفته بالأسرة، مقراً أنه دخل الحي بقصد تسوّر أحد المنازل والصدفة أدخلته لمنزل المجني عليهما، وأثناء شروعه في السرقة تمكن المجني عليه من القبض عليه إلا أنه قاومه وسدد له طعنات، كما سدد طعنات لزوجته التي حاولت مساعدة زوجها في القبض عليه، كما أوقفت الشرطة (4) آخرين بتهمة استلام المال المسروق، وشطبت المحكمة الاتهام في مواجهتم لعدم وجود أدلة كافية لإدانتهم.
منشار جريمة الصافية
في يوليو 2018 فجعت العاصمة الخرطوم بجريمة قتل بشعة شهدها حي شمبات ببحري، راح ضحيتها الشاب “قسم الله موسى محمد الطاهر (27) عاماً، وسائق أمجاد يدعى “صديق الزين”، وشاب آخر، على أيادي عصابة أجنبية من دولة عربية وتحقق هذه الجريمة معنى كلمة بشعة لعدة أسباب أبرزها طريقة تنفيذها بأداة جريمة غير مألوفة وهي أدوات حادة بينها مناشير استخدمت لتقطيع أطراف ثلاثة شبان بينهم تاجر عملة وسائق أمجاد وشاب آخر وإدخالها في أكياس بلاستيكية ومن ثم جوالات تمهيداً للتخلص منها في النيل لإخفاء معالم الجريمة النكراء، ومن ثم مواصلتهم حصد أرواح الأبرياء للحصول على الأموال، إلا أن الشرطة كشفت أمرهم وداهمت الشقة أثناء شروعهم في ترحيل الجثامين بواسطة سيارة، وألقت القبض على أحدهم، بينما فر آخر إلى جهة غير معلومة إلا أن مباحث شرطة ولاية الخرطوم نجحت في القبض عليه في غضون ساعات بأم درمان.
بداية المخطط
مصادر رفيعة قالت لـ(الأخبار)، بدأت العصابة الأجنبية وهي من دولة عربية مخططها الإجرامي بالاتصال على الضحية “قسم الله ” واستدرجوه إلى الشقة بخدعة حاجتهم لـ(17) ألف دولار، ولأن هذه العملية ممنوعة من قبل السلطات الأمنية اتفقوا على إتمام الصفقة بمقر إقامة العصابة بحي شمبات مربع (5) حيث يستأجرون شقة هناك.
اختفاء غامض
الضحية قسم الله، اختفى، بيد أن وجهته كانت معلومة لدى بعض زملائه ما سهل الأمر على أسرته عندما تأخر في الحضور إلى المنزل في وقته المعهود، شعرت الأسرة بالقلق حيال غياب ابنها فسارعت بإجراء اتصالات عديدة على معارفه وأصدقائه وزملائه بالسوق، فكانت النتيجة أنه ذهب إلى بحري كآخر مشوار يعلمونه، وربما شعرت الأسرة بأن الاختفاء غير طبيعي سارعت في اليوم التالي بفتح بلاغ جنائي بقسم شرطة المدينة بحري بالرقم (948) تفيد فيه بفقدان ابنها الشاكي فيها والد الضحية البالغ من العمر (60) عاماً، عمم نشرة تحمل أوصاف الضحية وفيها أنه قصير القامة عمره (27) عاماً، أخضر اللون نحيف الحجم، كما نشر أحد أفرادها بطاقة الضحية القومية مرفقة بصورة من النشرة الجنائية على الفيس بوك، في وقت لم تتوقع فيه الأسرة أنها على موعد مع سيناريو مرعب ومحزن رسمته أيادٍ أجنبية وسط العاصمة الآمنة.
لحظة الاكتشاف
مصادر (الأخبار) قالت إن مالك الشقة قد اشتم رائحة غير مستحبة أو غريبة على المكان، فحاول تتبع أثرها لمعرفة مصدرها الرئيس، حيث استدل إلى شقة يستأجرها لأجانب فأسرع بإخطار شرطة النجدة (999) التي تعاملت بجدية مع البلاغ وأرسلت دورية مرابطة بشمبات وفور وصولها صعد أفرادها إلى سلم العمارة حيث لاحظوا آثار دماء وبتفتيش سيارة آكسنت تخص المتهمين عثروا على جثتين داخل جوالات بعد أن ألقت القبض على أحد المتهمين كان قد سيطر عليه المواطنون، فيما فرّ أحدهم هارباً، شرطة النجدة أمنت مسرح الجريمة بعد أن عثرت على جثة ثالثة داخل الشقة في جوال، حيث أخطرت شرطة القسم التي حضر أفرادها بصحبة مسرح الحادثة وأجروا تدابيرهم الجنائية بحضور قادة الشرطة بولاية الخرطوم، المصادر أضافت أن الشرطة توصلت سريعاً إلى هوية الضحيتين “قسم الله” وصديق” وتواصلت مع ذويهما، بينما ظل الثالث مجهول الهوية.
كيف نفذت الجريمة؟
مصادر مطلعة كشفت لـ(الأخبار) أن الجناة استخدموا أدوات جريمة مختلفة رجحت أن تكون أولها سكاكين باغتوا بها الضحايا، ومن ثم استخدموا مناشير كهربائية لتقطيع أطرافهم، لتسهيل عملية التخلص منها بوضعها في أكياس وجوالات، ومن ثم إلقائها في النيل أو دفنها في مكان بعيد لإخفاء معالم الجريمة، ذات المصادر أضافت في حديثها للصحيفة أن اثنين من الضحايا قطعت أرجلهما وفصلت عن جسديهما تماماً، بينما قطعت أطراف الجثة الثالثة جميعها الأرجل والأيدي وفصلت – أيضاً – ومن ثم أدخلت في الجوالات، هذا الوضع جعل من الشقة مسرح الجريمة عبارة عن بركة من الدماء حتى نفذت روائح كريهة خارجها لتكشف عن الجريمة.
من المحرر:
الشرطة في كل مرة تؤكد احترافينها في فك طلاسم كثير من الجرائم الغامضة والغريبة، وذلط بفضل احرتافيتها وخبرتها التراكمية، فالجميع ينتظر منها أن تلقي القبض على من ارتكبوا جريمة امتداد ناصر حتى لا تتكرر مثل هذه الجرائم.