أسواق العقارات في الخرطوم تشهد ارتفاعاً جنونياً في الأسعار

 

*قانوني: القانون لم يمنع قيمة الإيجار بالعملة الصعبة، وإيجار المثل جعل المُلَّاك يعتمدون عليه بشكل متكرِّر خلال العام
*مكتب عقارات: هنالك خطر يمارس على شريحة واسعة من المستأجرين بعقود بـ(الدولار) بينما دخلهم بالعملة المحلية..
*خبير تسويق عقاري: الشغل الشاغل الحكومة بالكراسي والسلطة وليس للمواطن
تشهد أسواق العقارات ارتفاعاً جنونياً في الأسعار بالرغم من أن حركة الركود تراجعت بشكل كبير في أسواق العقارات في العاصمة، سواءً أكان بيع أو شراء أو استئجار، ويصل متوسط الإيجار ما بين 100 و 300 ألف جنيه، الملاك أرجعوا الأسباب إلى غلاء المعيشية والمتطلبات الحياتية، بينما المستأجرين تتعالى أصواتهم بالشكوى والرفض للزيادات التي تخطت المعقول، وكأن ما يعيشه المواطن من أزمات لا يكفيه، بداية بالتدهور الذي شهده عقب أحداث انقلاب 25 أكتوبر، ومروراً بالوضع السياسي غير المستقر وصولاً إلى الوضع المعيشي المزري في ظل غياب تام لأي حلول سواءً أكانت وقتية أو جذرية. هذا خلاف طوابير الروتين التي تنتظره يومياً محطات الوقود والمخابز، مع ذلك انتهازية أصحاب الأملاك تسعى للربح المادي، وفي المقابل أصبحت هناك شرائح كبيرة من المستأجرين الذين يعانون ما يعانون بسبب عقود الايجارات بـ(الدولار) بينما يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية السودانية. وفي ظل غياب الرقابة وقانون يضبط التسعير المزاجي.. يبقى السؤال الأساسي، هل يحق للمالك أن يستلم الأجرة بالدولار، وماهي الأسباب، وهل وجود الأجانب في البلاد سببا منطقيا في التعامل بالدولار، وما هي الحلول؟ استنطقت (الجريدة) القانونيين وأهل الاختصاص المنخرطين في هذا العمل.
الخرطوم: مآب الميرغني

(1) الفئة الهشة
بات المواطن ذو الدخل المحدود يعاني كثيرا من ناحية ضمان السكن، والأكثر صعوبة أن يمتلك منزلًا حرًا. كما أن أسعار العقارات في العاصمة تعتبر الأعلى في السودان مقارنة مع الحد الأدنى للأجور، لا سيما أن التعامل بالدولار أصبح خطرا إضافيا على شريحة واسعة من المستأجرين. والجدير بالذكر أن هنالك ركودًا في سوق العقارات مما ساعد على تراجع الأسعار، تحول إيجار المنازل من الجنيه السوداني إلى التعامل بالدولار، خوفاً من ارتفاع التضخم، حيث بلغ سعر إيجارغرفة وصالة (300) دولار، في حي المعمورة وبري، بينما سعر غرفتين (500) دولار، والبيت الأرضي (1,300-1,500) دولار، ويرجع سعر الإيجار حسب العرض والطلب بسوق العقارات .
إضافة إلى أن سعر المتر المكعب بحي الرياض وصل إلى (1000) دولار، أما سعر شراء المتر بحي امتداد ناصر وبري وحي الشاطي (700) دولار، وسعر القطعة (300) متر، بحي بري وامتداد ناصر (80-90) مليون جنيه، أما عن حي أركويت سعر القطعة (300) متر، بسعر (90-100) مليون جنيه، لشراء أما سعر القطعة (300) متر، بحي المعمورة مربع (84) بسعر (75-60) ألف جنيه، وسعر إيجار غرفتين بحي بري وامتداد ناصر يتراوح السعر مابين (200-250) ألف جنيه.

(2) لم يحدِّد
هل يحق للمالك فرض دفع الإيجار بالدولار بسعر السوق على المواطن، وعلى ماذا ينص قانون الايجارات السوداني؟ للإجابة عن هذه الأسئلة استنطقت (الجريدة) القانوني الطيب النظيف، الذي تحدث بإسهاب عن هذا الموضوع، وأوضح أن القانون السوداني في الإيجارات المباني ولا المعاملات المدنية كلاهما لا ينص على نوع العملة، القانون لم يشترط عملة محددة لقيمة الأجرة، بالتالي في حالة عدم النص صاحب العقار يشترط للمستأجر أن تكون قيمة الأجرة بالعملة الصعبة وهذا وفق القاعدة القانونية (العقد شريعة المتعاقدين) فالقانون لم يمنع قيمة الإيجار بالعملة الصعبة.
وحول الجهات التي تستأجر المنازل بالعملة الصعبة، اعتبر النظيف أنه من الواضح ذات مراكز مالية عالية مثل المنظمات الدولية والشركات الكبيرة والبيوت التجارية والبنكية، وهذا ما يجعل الاستئجار بالعملات الأجنبية في ظل تدهور قيمة الجنيه السوداني. مشيراً إلى أن في المحاكم المدنية زيادة حالات الشكاوى من أجرة المثل، بحجة أن الأجرة الشهرية لا تغطي مصروفات صاحب المالك، وهو ما يجعله يتعامل مع زيادة أجرة ويقوم بها بشكل متكرر تصل إلى مرتين وربما ثلاثة مرات خلال العام الواحد.
وتابع حديثه، بمقدور الشركات والمراكز والمنظمات المالية والعالية أن تتحمل وتدفع قيمة الأجرة، ولكن هذا يكون سلباً على المواطنين السودانيين العاديين من الفقراء والبسطاء والعمال وكذلك أصحاب الدخل المحدود، ذلك لعدم استطاعتهم ملاحقة الأسعار المتسارعة في الأسواق، نسبة لأن دخلهم في الأصل محدود، وهذه الفئات الاجتماعية تشكل غالبية المجتمع السوداني، وأضاف هذا يتوجب على الدولة أن تعتني به جيدًا وتخفف الضغط المعيشي على المواطن وتسهل الكسب المعيشي.

(3) جشع وطمع
وفي ذات الإطار، وصف صاحب مكتب عقارات بأم درمان عامر عبد الرحمن أحمد، التعامل بالدولار جشع وطمع من قبل أصحاب الأملاك، ومضى لـ(الجريدة) نشهد خطراً كبيراً يمارس على شريحة واسعة من المستأجرين ولاسيما التي أبرمت عقودها بـ(الدولار) بينما دخلهم بالعملة المحلية، منتقدًا أصحاب الأملاك وأنه يريدون أن يصبحون أغنياء بين يوم وليلة ويسابقون عمليات شراء العقارات على أكتاف المواطن. كاشفاً عن دخول أشخاص غير معروفين إلى سوق العقارات يتعاملون مع المكاتب بأرقام فلكية وخرافية غير واقعية والطلب مرتفع جدًا، وقال هذه الفئة تتبع إلى الحركات المسلحة وهم من يقومون اليوم بعملية الشراء.
وأكد عبد الرحمن خلال هذه الفترة وجود ركود في بيع وشراء البنايات الكبيرة والعمارات من قبل المواطنين، فضلاً عن رغبة كبيرة من المواطنين لشراء الشقق بدلاً عن القطع السكنية نسبة لارتفاع تكاليف التشييد والتشطيب، هنالك عدم ثبات في أسعار البيع والشراء والإيجار وردها نسبة للأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد.

(4)السكن الوطني
وحول كيفية حماية حقوق المستأجرين ولا سيما في الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد، يرى الاستشاري والخبير في مجال تسويق العقارات مبارك الصاوي المبارك، أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها اليوم تطال المؤجرين والمستأجرين، وفي ظل تذبذب وتدني العملة الوطنية غير الثابتة، يكون الدولار الأنسب والأفضل كقيمة ثابتة يتعامل بها أصحاب الملاك. وقال في حديثه لـ(الجريدة): سوق العقارات ينهار والأسعار الموجودة غير حقيقية ولذلك يجب العودة إلى السعر الأساسي. وحذَّر من استمرار تدهور قطاع العقارات، لافتاً إلى أن هناك إقبال كبير من السودانيين على شراء عقارات وشقق سكنية في الخارج، مبيِّنًا أن الظروف الأمنية وارتفاع المتطلبات والانقطاع المستمر للكهرباء كافة، وإغلاق الجامعات والمدارس مع قلة التكلفة في الخارج مقارنة بالداخل، وهذه أبرز الأسباب التي تدفع السودانيين إلى الهجرة.
وتابع حديثه: العاصمة السودانية شهدت اكتظاظا سكانيا كبيرا من الأقاليم والولايات بسبب الخدمات الرديئة في التعليم والصحة وغياب أبسط مقومات الحياة، مع ذلك يرغبون ويفضلون السكن في العاصمة بدلاً من العودة إلى الولايات، ومضى المبارك: العودة إلى الولايات لن تكون إلا في حالة أن تشهد العاصمة اشتباكات وانفلات أمني.
وحول إيجاد الحلول لهذه المعضلة، يرى المبارك أن الحلول ساهلة جدًا، ولكن غير مسموعة ولا حياة لمن تنادي، فالحكومة همها والشغل الشاغل لها هو الصراع على الكراسي والسلطة وليس المواطن. ويرى خبير التسويق مبارك أن من الحلول تقديم تسهيلات تأتي في إطار تبني الدولة مدن سكنية تُملك للمواطن بدلًا من أن يدفع إيجار شهري للمالك يقدمها كأقساط تمليك. وأردف: هذه الخطوة تقلل من الكثافة السكانية في مناطق معينة إضافة تعمير مناطق طرفية التي يمكن أن تكون مأوى للجريمة.
الجريدة

Comments (0)
Add Comment