يتهم السودانيين بعضهم البعض بالحسد والغل ليس فقط في الوظيفة من الوزير الي الغفير بل بين الأهل والجيران و الأصدقاء , جميع أنواع العلاقات ثمة حكاية عن ذلك الحسد مسنودا بتاريخ وأحداث حتي تحول الي سوء ظن بين الجميع ثم إنفتح جحيم الميديا وقدمنا أسوأ تجربة مع ظاهرة الإنترنت
حشدنا في كل زمن للعمل والإنتاج فجاء ميلاد ظاهرة غريبة هي التلاوم بيننا , ولعن البلد, وقد ملأنا سمواتنا بطائر الشؤم , العيوب علي قفا , التقصير مغطي , عدم المسؤلية محمي بالشعر والغنا , توجنا الملوك والأمراء في بلد يجوع بملايين الأراضي الزراعية ويعطش وفيه أنهار مثل النيل الخرافة , ثم نحتفي بعزاء شاعر كشف المستور حينما كتب سطرين من اللظي … النيل وخيرات الأرض هناك … ومع ذلك … ومع ذلك …
وبسحر نملكه جدا حولنا النعي الي ميزة إضافية , وليلنا يطول والصباح بعيد والسفر وعر المسالك والدواب كلها جائعة ومنهكة
إنه السودان البهيج في الماضي السحيق بينما بعد سبعين عاما عاصمته مليئة بالأوساخ والعفن , بلا وجه ولا ثقافة , كالحة تنام عند الثامنة مساءا ليس من أطرافها بل في وسطها بجوار القصر , شارع البلدية وشارع الجمهورية وحي الخرطوم2 , بلد البرجواز والهدؤا شاركت في البؤس وأضافت لنا خيران وعفن وكساد
قذف البلد بالحجارة بعد الحاردلو(منعول أبوك يا بلد) , تورطنا في سيرة غريبة من المقارنة مع القاهرة والرياض وتونس وعمان , اللعنة مجانية علي الأحزاب والمجتمع السياسي والرياضيين والدراميين , ولم تسلم منا حتي الأكلات الشعبية وإملاء المدارس والتربية والتعليم طبعا , مستشفياتنا والأطباء من التمريض الي التخصص مع حكايات ضحايا وموتي الأخطاء القاتلة
ولخص لي أحد الأصدقاء بعد تجربة قاسية مع المكانيكيين قرر شحن سيارته لصيانتها في القاهرة , وحدثني مغترب بكي من تكاليف صيانة حمام, طوال شهرين وملايين الجنيهات , السماسرة سادة البلد , الرشوة ثقافة موثقة بالحكايات , الأباء هاربون من بيوتهم , القضاة والنيابة مدانة في حديث الناس , والفساد قيمة مضافة بين كل شخصين واقعة مؤكدة والأمان أنتهي وجيل المروة في خبر كان , هزائم الرياضة , والنكتة القاتلة , والدراما السطحية والجامعات تضيف عطالة وحكوماتنا تشبهنا تماما , رجال الدين والإدارة الأهلية , مخترقين من العمق وصاروا بعد التشوية قضية تربوية
ومع هذا البلاء الغريب صرنا يوميا نقدم حلول مزيفة من هروبنا وعدم المسؤلية التاريخي , نغطي علي خيباتنا بالتلاوم حتي وضعنا قواعد متينة وقلنا من سرق المصحف والكل يبكي علي سوادننا , النشيد الوطني مهزوز والسلام الجمهوري مشروخ , نوتة النغم الوطني حزينة , والمثقفين تائهيين , الموارد نائمة والعمال يحلمون حتي الضحي والكل يطلب العويض
مسكين هذا الوطن الجغرافية , شعبا موارده في حيرة , شعبا حير بقية شعوب الدنيا , عطشان والنيلين جنبه , جائع ومعه جمهورية مترامية الأطراف , والسياسيين يتصارعون في وطن منهك وتعبان من كل نواحيه , الملهم غياب والرجل رشيد غياب والإنتاج مفقود ثقافة تربية وتعليم وهذا جزء من الهروب هذا النعي , هذا التلاوم وهذا التبرير فمن يبدأ بالمعول والمدماك