أثار تقرير صادر عن لجنة من الخبراء القانونيين تضمن اتهام رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا بالتستر على سرقة 4 ملايين دولار نقدا من مزرعته في عام 2020 أسئلة غير مريحة لزعيم جنوب إفريقيا.
ووصفت اللجنة، التي يرأسها رئيس قضاة سابق، بعض تفسيراته بأنها “غير منطقية”.
ويقول المنتقدون إن لدى رامافوزا قضية يجب الرد عليها، ليس فقط أمام البرلمان ولكن لجميع مواطني جنوب إفريقيا.
إذا حكمنا من خلال رد الفعل الشديد من قبل أحزاب المعارضة، والتي طالبته بالتنحي على الفور، فإن هذه الفضيحة قد تكلفه وظيفته.
في تقرير من 138 صفحة تم تقديمه إلى اللجنة، نفى الرئيس رامافوزا وجود أي شيء مشبوه بشأن الأموال المسروقة من مزرعته الخاصة، قائلا إنها من عائدات الجواميس التي بيعت بمبلغ 580 ألف دولار نقدا إلى مواطن سوداني يدعى مصطفى محمد إبراهيم حازم في أواخر عام 2019.
ومع ذلك، لم يظهر حازم علنا، ولا يُعرف عنه سوى القليل.
تساءلت اللجنة عن سبب عدم احتواء الفاتورة المقدمة لهم على أي تفاصيل من شأنها التعريف بهوية المشتري. لم يكن هناك سوى اسم، ولم يكن هناك عنوان عمل أو رقم هوية.
وكتب رامافوزا: “أقول بكل احترام إن جميع التهم التي تم استدعائي للإجابة عليها ليس لها أي أساس”، مضيفا أن العديد من المزاعم استندت إلى “الإشاعات”، وطلب عدم المضي في الأمر أكثر من ذلك.
لكن الاتهامات لم تختف، وهناك ضغوط على الرئيس للاستقالة أو مواجهة إجراءات العزل.
لقد كان من الصعب تفويت السخرية من تلك المزاعم، والمستنقع الذي وجد الرئيس نفسه فيه.
قبل كل شيء هو الرجل الذي جعل محاربة الفساد سلم صعوده لمنصب الرئيس، وهو الذي عانى منه حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم والبلد ككل في عهد سلفه الرئيس جاكوب زوما.
دعوة لإجراء انتخابات مبكرة
إذن ما الذي يمكن استخلاصه من طريقة تعامل رامافوزا مع فضيحة المزرعة “فارمغيت”؟
قالت مصادر حزبية لبي بي سي إن حزبه يناقش الكيفية التي ينبغي أن يتعامل بها الرئيس مع التقرير.
وبينما يريد البعض منه أن يتبنى نهج الانتظار والترقب، فإن آخرين، من المفترض أن يكونوا من فصيل معارض في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، يريدون منه أن يتنحى لمنع التسبب بمزيد من الضرر للحزب، على حد قولهم.
رسميا، قال مكتب الرئيس إنه سيتعامل مع التقرير بمجرد انتهائه من دراسته.
كان رامافوزا قد حظي ببعض الاستحسان عندما تولى السلطة ليس فقط من قبل الشعب ولكن من قطاع الأعمال والمجتمع المدني، حتى وسائل الإعلام المحلية من بعض النواحي.
لقد قدم وعودا كبيرة بفجر جديد لجنوب إفريقيا تحت قيادته وناشد المواطنين أن يثقوا بقدرته على تغيير الأمور، وأن أيام فضائح الفساد ستكون شيئا من الماضي، لكن ذلك الاستحسان تبدد الآن.
وتقول المعارضة الرئيسية في البلاد أنه حسب هذا التقرير فإن الرئيس غير مؤهل.
وأعلن التحالف الديمقراطي أنه سيستخدم جلسة البرلمان الأسبوع المقبل لتقديم اقتراح يدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة، قائلا إن المزاعم ضد رامافوزا تظهر أنه يجب تنحية حزب المؤتمر الوطني الأفريقي من السلطة.
وأوضح التحالف الديمقراطي، في بيان بهذا الشأن، قائلا:”إن التقرير واضح لا لبس فيه، على الأرجح أن الرئيس رامافوزا انتهك عددا من الأحكام الدستورية ولديه قضية للرد عليها، يجب المضي قدما في إجراءات الإقالة المتعلقة بسلوكه، وسيتعين عليه تقديم تفسيرات أفضل بكثير وأكثر شمولا مما لدينا”.
ويثير التقرير – المكون من ثلاثة مجلدات – أسئلة حول الرد الكتابي من قبل رامافوزا:
لماذا قام الرئيس بتخزين 580 ألف دولار داخل أريكة؟
لماذا لم يتم إبلاغ الشرطة عن سرقة تلك الأموال منذ عامين؟
لماذا لا زالت الجواميس التي قال إنه باعها في المزرعة؟
حسب تفسير رامافوزا ، قام مدير المزرعة أولا بوضع الأموال في خزنة، لكنه نقلها لاحقا إلى أريكة في غرفة نوم إضافية “داخل مسكني الخاص، لأنه اعتقد أنه المكان الأكثر أمانا حيث اعتقد أنه لن يقدم أحد على اقتحام منزل الرئيس”.
ويعتقد الفريق أن ذلك التفسير يحتاج إلى مزيد من التدقيق. وقد اقتصر نطاق عمل القضاة على التوصية بأن يتخذ البرلمان إجراءً.
وإذا قرر أعضاء البرلمان أن لجنة المساءلة يجب أن تحقق أكثر، ووجدوا الرئيس مذنبا بارتكاب خطأ جسيم، فإن ذلك من شأنه أن يحرك عملية التصويت على الإقالة.
وفي نهاية المطاف، سيتم طرح الاقتراح للتصويت، ويحتاج اقتراح العزل إلى أغلبية الثلثين في البرلمان لتمريره.
وفي حين أن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لديه الأرقام التي تمنع حدوث ذلك، إلا أن الحزب منقسم بشكل كبير. وقد يرى المعارضون له أنها فرصة للتصويت مع أحزاب المعارضة لإزاحته.
نحن بعيدون عن مثل هذا التصويت، ولكن ما تم إرساؤه بالفعل في محكمة الرأي العام كان ضارا.
“سيء لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي“
تضج المحطات الإذاعية المحلية ووسائل التواصل الاجتماعي بآراء متباينة من جنوب إفريقيا، ويعتقد البعض أنه مستهدف من قبل خصومه السياسيين، بينما أعرب آخرون عن خيبة أملهم ويريدون رحيله.
وقال المحلل السياسي أوسكار فان هيردين لنيوزروم أفريكا: “هذا أمر سيء للغاية بالنسبة لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي حيث لا توجد منظمة تريد زعيما يتم استجوابه بهذه الطريقة، يجب أن يفكر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في الاعتبارات السياسية، هل من مصلحتنا التخلص من زعيمنا في هذا الوقت؟ عليهم القيام بإجراء يجعلهم في وضع جيد في انتخابات عام 2024 “.
في أحسن الأحوال، تضع هذه الكارثة مصداقية رامافوزا الأخلاقية موضع تساؤل. وفي أسوأ الأحوال، تشير إلى إساءة استخدام للسلطة وربما انتهاك الدستور، نفس الدستور الذي ساعد في صياغته في أوائل التسعينيات من القرن الماضي.
وسيكون حزبه، الذي دافع عن قادته في فضائح عديدة في الماضي، مجبرا على إقالته فقط إذا كانت التهم جنائية، والأمر ليس كذلك.
ومع ذلك، تأتي هذه التطورات قبل انعقاد مؤتمر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي هذا الشهر حيث بدا أن رامافوزا سيسعى لإعادة انتخابه كزعيم للحزب ، لتضع السياسي المخضرم في وضع غير مستقر إلى حد ما.
نقلاً عن بي بي سي