مجلس السيادة السوداني: الاتفاق الإطاري طريق مستدام لحل القضايا

 

بعد أسبوع من توقيع الاتفاق الإطاري في السودان، شدد عضو مجلس السيادة الهادي إدريس على أن تلك الخطوة تفتح الطريق أمام حل مستدام لقضايا البلاد.

وأوضح إدريس في بيان نشره المجلس، أن الاتفاق الإطاري، الثلاثاء، حدد فيه قضايا الاتفاق النهائي، وفي مقدمتها السلام والعدالة، مشيرا إلى أن حلها سيمهد الطريق لتوافق وطني حول بقية القضايا العالقة.

كما دعا الأطراف التي لم توقع على الاتفاق الإطاري إلى الانضمام إليه من أجل أمن واستقرار البلاد، مؤكدا العزم على السير على طريق السلام رغم التحديات والمصاعب.

أتى الإعلان بعد أسبوع من توقيع المكونين العسكري والمدني في السودان اتفاقا إطاريا يمهد الطريق لفترة انتقالية تمتد لعامين وتخرج الجيش من المشهد السياسي، في بادرة انفراجة على ما يبدو للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.

وينص الاتفاق الذي وقعه مجلس السيادة مع أحزاب وقوى مدنية، على تنظيم عملية انتخابية شاملة في نهاية الفترة الانتقالية، مؤكدا على بناء جيش وطني مهني موحد والنأي به عن أي وجود سياسي حزبي.

ويرتكز الاتفاق على ما اصطلح على تسميته بـ”الدستور الانتقالي”، وهو مشروع دستور جديد للبلاد تقدمت به نقابة المحامين السودانيين، في محاولة لحل الأزمة، ينص على فترة انتقالية أقصاها سنتان، وإنشاء حكم مدني فيدرالي، وإبعاد القوى المسلحة عن الحكم، فضلاً عن مراجعة اتفاقية جوبا للسلام الموقعة في أكتوبر 2020.

وكانت الفترة الماضية شهدت جواً من التفاؤل بعد التوصل لحل بعد أكثر من سنة على الانسداد السياسي الذي سيطر على البلاد.

ولا يزال السودان يعد واحداً من أفقر دول العالم، غارقاً في أزمة سياسية منذ 25 أكتوبر 2021 حين فرض الجيش إجراءات استثنائية وحل الحكومة السابقة، فضلا عن ركود اقتصادي على الرغم من كافة المساعي الأممية من أجل إرساء حل بين المدنيين والعسكريين.

***

«مسؤول سيادي»: نرفض انضمام مؤيدي البشير لـ«الإطاري» احتراماً لشهداء الثورة

أعلن قيادي بارز في الجبهة الثورية السودانية، الثلاثاء، رفضهم القاطع لانضمام قوى سياسية حليفة لنظام الرئيس المعزول عُمر البشير للاتفاق السياسي الإطاري، لجهة ما وصفه “عدم إيمانها بالحُكم المدني والتحول الديمقراطي”، متوقعاً بأن يجري التوقيع النهائي على الاتفاق في غضون أسبوعين.

وفي الخامس من ديسمبر الجاري، وقعّ القادة العسكريين مع نحو 52 من القوى المدنية المؤيدة للديمقراطية، اتفاقاً إطارياً نصّ على تشكيل مؤسسات حكم مدني كامل، وإبعاد الجيش عن السلطة في فترة انتقالية مدتها عامين، تنتهي بإجراء انتخابات.

وقال عضو مجلس السيادة السُوداني، وعضو المجلس الرئاسي للجبهة الثورية السُودانية، الطاهر حجر في مقابلة مع «سودان تربيون»: لا يمكن أن نقبل بكل القوى السياسية التي كانت داعمة للبشير حتى لحظة سقوطه في هذه المرحلة الدقيقة، اجتراماً لدماء الشُهداء، والمجهودات التي يقدمها الشباب في الشوارع، وتضامناً مع الذين تعرضوا للتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان في حقبة النظام المعزول، واحتراماً للإرث النضالي والتضحيات التي قُدمت طوال الثلاثين عاماً الماضية”.

وشدد بأنه ليس هناك مكاناً للأشخاص غير المؤمنين بالانتقال إلى الدولة المدنية والتحول الديمقراطي والتغيير الجذري.

وأبان عن رفضه لتوصيف الإطاري بـ«الاقصائي» لكنه عاد وأضاف بأن “الاتفاق لن يساوي مع من كانوا يهتفون في ديسمبر 2018 بـ«تسقط بس» وآخرون على النقيض يهتفون بـ«تقعد بس»”.

وكان رئيس حزب الأمة القومي، مبارك الفاضل، الذي يتزعم ائتلافاً يضم عدد من القوى السياسية التي دعمت نظام المعزول البشير، أعلن عن اتجاههم للتوقيع على الاتفاق الإطاري.

وكان الفاضل ضمن المعارضين للحكومة الانتقالية التي أبعدها الجيش من السلطة عقب انقلاب 25 اكتوبر 2021، وأظهر آراء حادة تجاه الحاضنة السياسية للحكومة المدنية ممثلة في «قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي».

وأعلن المسؤول السيادي رفضهم اختزال الاتفاق الإطاري في الحُرية والتغيير ـ المجلس المركزي والمكون العسكري، مشيراً إلى أن ما تم التوصل إليه مؤخراً شاركت فيه قوى سياسية عديدة، ذكر منها: «المؤتمر الشعبي والإتحادي الأصل علاوة على الجبهة الثورية السودانية وجماعة أنصار السنة المحمدية».

وأكد بأن علاقتهم في الجبهة الثورية مع المجلس المركزي للحرية والتغيير «علاقة تنسيقية» عقب مؤتمر الدمازين الذي عُقد في مارس الفائت.

وناقش المؤتمر قضايا الأزمة السياسية، والتحالفات السياسية، تنفيذ اتفاق جوبا لسلام السودان، قضايا العدالة، الوثيقة الدستورية، والسياسة الخارجية، علاوة على الهيكل التنظيمي للجبهة الثورية.

وأشار بأن الاتفاق الإطاري فتح المجال لمناقشة حالة الانسداد السياسي وكيفية الخروج من الأزمة التي يعاني منها السودان طوال عام مضى.

وشدد على ضرورة جلوس القوى السياسية الموقعة على الاتفاق، للحوار، وصولاً للتوافق النهائي حول القضايا المرحلة للمرحلة النهائية وتتضمن الإصلاح الأمني، ومراجعة اتفاق جوبا للسلام، وقضية تكفكيك بنية نظام الثلاثين من يونيو 1989، علاوة على قضية العدالة والعدالة الانتقالية.

ورأى حجر بأن الخلاف بين المجموعات الرافضة للاتفاق والمؤيدة له، لا تدور حول بنوده والقضايا التي تتضمنها ولكنه خلاف حول من هي الجهات التي أنتجته.

وأضاف بقوله “الاتفاق الذي تم التوقيع عليه مرن وغير مملوك لأي شخص، وعلى الرافضين له والذين يصفونه بالاتفاق الثنائي بين الجيش والحرية والتغيير، أن يدفعوا بملاحظاتهم وتعديلاتهم، فلسنا في خلاف كبير والاتفاق ليس إقصائي”.

ونفي علمه طلب المكون العسكري لحصانات تحميهم من المُحاسبة على الانتهاكات التي ارتكبت خلال الفترة الماضية.

وقال: “قد تكون هناك تفاهمات جرت حول هذا الأمر، لكن كل قضايانا مطروحة للعامة، ولا ينبغي أن يكون هناك شيء خفي على الناس، ويجب أن تطرح كل المواضيع الحساسة للعلن”.

ولفت إلى أن هناك قضايا يجري النقاش حولها بين الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري، في حال اكتملت، فإن التوقيع على الاتفاق النهائي سيكون خلال أسبوعين.

وأكد بأن الجبهة الثورية اقترحت أن يتم تشكيل جسم سيادي مدني محدود يمثل فيه أطراف العملية السلمية على أن يتم إضافة ممثلي أقاليم السودان الستة لتكملة الجسم السيادي.

وبالرغم من الانقلاب العسكري الذي نفذه الجيش العام الماضي وإطاحته بشركائه المدنيين، فضلت الجبهة الثورية الاحتفاظ بمواقعها في مجلس الوزراء والسيادة بزعم إنفاذ اتفاق السلام وعدم العودة للحرب مجدداً.

ونفى حجر بشكل قاطع موافقتهم على إخضاع «اتفاق جوبا للسلام» للمراجعة، ونوه بأن فقرة «التقييم والتقويم» التي وردت في الاتفاق الإطاري لا تعني المُراجعة إنما النظر في أوجه القصور التي أسهمت في عدم تنفيذ برتوكولات الاتفاق.

وتابع بقوله “الاتفاق مضمن في الإطاري بأنه جزء لا يتجزأ من الدستور الانتقالي، ولا يجوز تعديله إلَّا بنص صريح ومكتوب بين الأطراف الموقعة عليه، وخلاف ذلك لن تستطيع أي جهة أن تعدل فيه أو تلغي بند من بنوده”.

وزاد: “لن نقبل بمراجعة الاتفاق إرضاء لرغبة بعض الجهات”.

ودافع عن اتفاق جوبا، ونعته بـ«العظيم»، ونبّه إلى احتواءه على مدخل لمُعالجة جذور الأزمة السودانية، بيد أنه عاد وعاب على الأطراف عدم تنفيذه والالتزام بما تم التواثق عليه.

واتهم حجر أطراف حكومية وقوى سياسية وجماعات مسلحة برفض الاتفاق ووضع العراقيل أمام تنفيذ أبرز بنوده.

وقال: “هناك جهات ترفض الاتفاق من منطلق سياسي، وآخرون يرفضونه من منطلق اجتماعي بحت، من خلال اتهام أهل دارفور وفي دارفور شمال دارفور وتحديداً الزغاوة بالسيطرة على السلطة والاستحواذ على مكاسب كبيرة”.

وراجت أخيراً دعوات تطالب بإلغاء اتفاق جوبا الذي أبرمته الحكومة الانتقالية مع 5 فصائل مسلحة كانت تقاتل نظام الرئيس المعزول عمر البشير في كل من دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان مستندين على أن وثيقة جوبا عجزت عن تحقيق السلام وانتهت إلى مجرد أداة لتعزيز مكاسب قيادات الحركات المسلحة.

وأعلن عضو مجلس السيادة الذي يرأس أيضاً حركة تجمع قوى تحرير السودان، تمسك الجبهة الثورية بإنفاذ كل مسارات الاتفاق بما في ذلك مسار شرق السودان المرفوض من قبل مكونات اجتماعية في الإقليم.

وأردف: “محتويات المسار هي مكاسب لأهل الشرق ولم تأتْ لشخص مُعين، وكذلك في مسار الشمال، هي كلها مكاسب لسكان تلك المناطق”.

وواصل: “محمد الأمين ترك من حقه أن يُطالب بحقوق أهله، ولكن ليس من حقه أن يُطالب بإلغاء مسار الشرق، نحن موقعين على اتفاق سياسي وليس اتفاق مع قائد إدارة أهلية”.

وأرجع التأخير الذي أدى لعدم إنفاذ برتوكول الترتيبات الأمنية لحالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد، علاوة على الظروف الاقتصادية، لكون أن الترتيبات الأمنية في حاجة إلى موارد ضخمة ودعم لوجستي كبير.

ونفى اتهامات وجهت لبعض جنوده بالتورط في الاعتداء على المدنيين في إقليم دارفور.

وأضاف: “لن أتسامح مطلقاً مع أي شخص يثبت تورطه في الاعتداء على المدنيين، وصحيح في أي منطقة بها تواجد عسكري تكون هناك تفلتات وخروقات، ولكن نحن متسامين فوق الجراحات وجنودنا مستعدين حتى للتنازل عن حقوقهم العادية في سبيل المحافظة على الأمن والاستقرار”.

وأشار بأن التفلتات الأمنية التي شهدتها دارفور خلال الفترة الماضية هي تفلتات قديمة متجددة، ودعا إلى بذل مزيد من الجهود للمحافظة على الأمن والاستقرار.

وشهدت مناطق واسعة في إقليم دارفور خلال الثلاث سنوات الماضية نزاعات قبلية دامية، أودت بحياة المئات، وشردت الآلاف، ذلك بالرغم من توقيع اتفاق سلام جوبا.

 

مجلس السيادة
Comments (0)
Add Comment