مبعوث أمريكي لدعم الإطاري… هل ينجح في المهمة؟

 

المؤتمر السوداني: أمريكا تسعى لتحول ديمقراطي لمصالحها في السودان
البعث الاشتراكي: تصرفات أمريكا في البلاد ترقى للوصاية
أبو خريس: المبعوث الأمريكي الخاص يواجه جدل الرفض في البلاد
الخرطوم: إبراهيم عبد الرازق
أكدت صحيفة “هيل” الأمريكية إرسال واشنطن مبعوث أمريكي خاص للسودان من أجل دفع الاتفاق الذي وقع بين القوى المدنية والعسكريين كونه الأساس للتحول المدني.
وقالت الصحيفة المقربة من دوائر صنع القرار الأمريكي، إن واشنطن سترسل مبعوثاً آخرَ تم تأكيده في مجلس الشيوخ إلى السودان.
محللون وصفوا الخطوة بمحاولة إثناء المعارضين للإطاري عن مواقفهم، ودعم المصالح الأمريكية بالبلاد في ظل التنافس مع روسيا والصين على السودان، بينما اعتبر البعث العربي الاشتراكي إرسال مبعوث أمريكي أمر مستفز، ووصاية على سيادة الدولة، مؤكدين أنه سيواجه جملة من التحديات أبرزها الرفض الداخلي للاتفاق.
صفقة جديدة!
الصحيفة الأمريكية لفتت إلى فشل الائتلاف المدني العسكري بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق عمر البشير في إدارة الفترة الانتقالية ما أدى إلى انقلاب عسكري، وقالت الصحيفة إنه بفضل جزء صغير من الجهود الدبلوماسية المستمرة لما يعرف باللجنة الرباعية للسوان والتي تضم كلاً من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة إضافة إلى الأمم المتحدة وافقت قوى الحرية والتغيير على صفقة جديدة مع الجنرالات لإنهاء حالة الجمود السياسي للبلد من خلال الحد من دور الجيش الضخم في السياسة والاقتصاد، ووضع حكومة انتقالية لمدة عامين بقيادة رئيس وزراء مدني.
وأوضحت أنه سيتم تكليف السلطة الانتقالية بصياغة دستور جديد، وفتح الطريق إلى أول انتخابات حرة في البلاد منذ عقود، وأوضحت أن السلطة الانتقالية ستكون مسؤولة أيضاً عن إشراك الجمهور الأوسع في قضايا مثل العدالة الانتقالية، وإصلاح الخدمات العسكرية والأمنية، وتنفيذ اتفاق السلام لعام 2020م، ووفقاً للصحيفة سيتطلب تحقيق هذه الأجندة الطموحة مستويات بطولية من الصبر والالتزام من جميع السودانيين، إضافة إلى مشاركة الولايات المتحدة النشطة، لافتة إلى أن من مصلحة أمريكا في نجاح الانتقال في السودان وقالت: “إن السودان الأكثر استقراراً وديمقراطية سيرسل رسائل قوية عن الدور الأمريكي عبر القرن الأفريقي ما يؤثر على النزاعات في كل من ليبيا واليمن”.

الآلية الرباعية!
ورأى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، د. راشد محمد علي الشيخ أن المبعوث الأمريكي سيواجه تحديات ظرفية تتمثل في تنزيل ما اتفق عليه إلى أرض الواقع، وأضاف لـ(اليوم التالي): لدخول هذا المبعوث دائرة الترويج للاتفاق الإطاري لا بد له من التواصل مع الآلية الرباعية والتي تضم أمريكا وبريطانيا والسعودية والإمارات التي تعمل على جمع الفرقاء السياسيين كما تابعنا أمس الأول تقديم بعض المؤسسات السياسية طلبات الانضمام أو الالتحاق بالعملية السياسية، وهذا يتوقع أن يزداد خلال الأيام المقبلة نتيجة الضغوطات الأمريكية التي تمارس على هذه المنظومات السياسية، لذلك سيجد المبعوث الأمريكي مناخاً مهيأً لخلق رأي عام وجداني داعم للعملية في الحياة السياسية بالداخل وبالتالي تسعى المكونات المجتمعية المختلفة بالداخل لتأييد هذا الاتفاق، كما ترى فيه مؤسسات الدولة مخرجاً آمناً للظروف المؤثرة في حالة الانتقال وتقليل درجات التوتر والصراع التي تزيد كلما اقتربت المنظومات السياسية إلى مؤسسات الدولة، ويقل كلما ابتعدت عنها.
تليين المعارضة!
واعتبر المحلل السياسي د. عبد الرحمن أبو خريس أن الاهتمام الأمريكي بالسودان كبير جداً منذ ٢٠١٩ والتأييد له منقطع النظير لا سيما في ظل حكومة (بايدن) وتابع لـ(اليوم التالي) أن تحقيق الديمقراطية والتحول الديمقراطي في العالم أهم شعارات تلك الحكومة، لكنها لم تحقق شيئاً يذكر في هذا المجال حتى الآن، بل انتهكت الديمقراطية بشكل كبير خلال هذه الحكومة، وأضاف أبو خريس أن إدارة بايدن تواجه انتخابات مقبلة، بالتالي تحتاج لدعم دولي ورأي عام داخلي مؤيد لبرامجها فتسعى لإنجازات تستند عليها لتحقيق ذلك، الديمقراطية في السودان واحدة من الأجندات التي تلعب بها إدارة بايدن في الملفات الداخلية، وهذا الأمر بالتأكيد موضوع طويل هم يستفيدون منه في استغلال الأوضاع لبعض الدول الخارجية لتقوية ملفات داخلية لديهم، ولفت الى أن (بايدن) الآن في أسوأ حالاته بعد تزايد الضغوط الروسية عليه والضغط الأوروبي، وعدد من الأزمات الاقتصادية، لذلك هو يحاول البحث عن خروج بملفات يحسن بها وجهه أمام الرأي العام، لذلك سيتجهون لتخصيص مبعوث خاص للاتفاق الإطاري والتحول الديمقراطي في السودان، وأهم ما يواجهه جدل الرفض الحادث الآن في السودان لذلك سيعملون على دعم مؤيديهم في قحت المركزي لتسهيل الصعاب بشأن الرافضين للحل السياسي وتزيينه لهم حتى يصلوا إلى مرحلة التوقيع.
ومضى أبوخريس الى أنه لا يتوقع أن تنجح هذه الفكرة مع القوى المعارضة لأن رؤيتها تختلف عن الأمريكية فيما يخص التحول الديمقراطي، كذلك لأنها ستتحجج بأن أمريكا لم تدعم السودان في الفترة الانتقالية على النحو المقدر، كان هنالك دعم لكنه ليس على النحو المطلوب، بحيث يمكن السودان من إنجاز مشروعه الديمقراطي .

كروت ضغط!
ودعا أبو خريس الأطراف السودانية الى أن لا تعول كثيراً على المبعوث أو المشروع الأمريكي الذي تستخدم فيه أمريكا الأزمة السودانية ككروت ضغط لتحقيق أهدافها.
ولفت الى أن دخول معارضين جدد للعملية السياسية بخلاف الإسلاميين، سبب قلقاً أمريكياً، لأن الجبهة الممانعة واسعة جداً بما تمثل تهديداً استراتيجياً للمصالح الأمريكية للولايات المتحدة في السودان، وهذا سينعكس في واشنطن على أنه قوى مدنية رافضة للرعاية الأمريكية وللديمقراطية وهو ما لا يسعد أمريكا ولا تستطيع مواجهته، لا سيما وجود جماعات كانت مؤيدة للحرية والتغيير ومناوئة للبشير وللانقلاب الحالي وتقف ضد هذا الاتفاق.
واعتبر أبو خريس أن هذه المهمة من حمل الأطراف الرافضة لتأييد الاتفاق الإطاري سيكون من الصعب جداً تنفيذها، وأن موفد واشنطن إن حضر سيزيد الطين بِلّة، لأن الوضع الداخلي بالبلاد صعب جداً ومتغير، لذلك مهمة المبعوث الأمريكي تعمل بمحاولات ما فشلت فيه قوى قحت المركزي من حمل أولئك الرافضين على الموافقة لا سيما غير الإسلاميين وأهمهم الحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الاشتراكي ولجان المقاومة. وأشار الى أن هذه الجهات الأربع يصعب تليين نظرتها لمواقفها الثابتة ضد أمريكا.
وقال أبو خريس إن الابتعاث المنتظر له جانب آخر بالغ الأهمية يتمثل في الصراع الأمريكي الروسي وتخوف واشنطن من الأطماع والمصالح الروسية في السودان لا سيما في الإقليم الشرقي وتابع: إن اتصالات روسية واسعة مع ترك والختمية عبر سفارتها في الخرطوم تثير توجس الأمريكان، هذا بجانب تأثيرات الصين بوصفها منافساً لأمريكا في السودان لا سيما بعد مشاركة البرهان في القمة الصينية العربية وما رشح من تصريحات.

وصايا أمريكية!
أما نائب الأمين العام لسر حزب البعث العربي الاشتراكي عثمان أبو رأس فاعتبر تصرفات أمريكا في البلاد بأنها ترقى الى درجة الوصاية، وأضاف لـ(اليوم التالي): لا أستبعد إرسال موفد أمريكي للإشراف على توسيع الاتفاق الإطاري، لأن أمريكا قررت فرض عقوبات على الذين لم يوقعوا على هذا الاتفاق، بل هي تفرض عقوبات على معارضي الإطاري المقيمين في أراضيها، وتساءل: ما مصلحة أمريكا في معاقبة رافضي هذا الاتفاق؟ وهل هي وصية عليهم أو على السودان؟ وأجاب في نفس الوقت: إذن هذا مؤشر على الوصاية، وعلى أن الاتفاق الإطاري ذاته كتب بإملاءات أمريكية.
دولة مؤثرة!
فيما يقول القيادي بحزب المؤتمر السوداني نور الدين صلاح الدين إن السودان في صدارة الاهتمام الأمريكي في الإقليم والمنطقة، وأضاف لـ(اليوم التالي): لذلك من الواضح أن أمريكا تسعى لإقامة علاقات تتفوق على المنافسين، وحول مبعوث أمريكي لحراسة العملية السياسية والترويج للإطاري أضاف نور الدين أن أمريكا تسعى لتحول ديمقراطي في السودان ربما لمصالحها، لكن نحن دولة نتأثر بالعالم ونؤثر فيه، وحول ما تردد من نذر وصاية أمريكية على البلاد عبر بوابة الحل السياسي قال نور الدين: نحن كدولة سودانية نعي أن العالم الذي بات حياً صغيراً يهم أمريكا فيه دولة السودان لتأثيراتها على الأحداث الأخرى في إثيوبيا وغيرها من دول الإقليم التي تعتبر واشنطن نجاحها فيها وفي شرق أفريقيا تحديداً مربوط بنجاحها في السودان.

Comments (0)
Add Comment