مريم المهدي : حريصون لإلحاق مناوي وجبريل بالاتفاق
محلل سياسي: عدم الإغراق مقصود به مبارك الفاضل
حزب الامة: المركزي يريد الاحتفاظ بالفيتو وتصنيف القوى السياسية
تقرير: الخواض عبدالفضيل
بعد توقيع الاتفاق الإطاري مابين المكون العسكري وبعض القوى السياسية زاد الوضع تأزماً أكثر مما هو عليه، برفض بعض من القوى السياسية وبعض لجان المقاومة في الشارع لهذا الاتفاق، والآن تسعى القوى الموقعة على إقناع أكبر عدد من القوى السياسية للانخراط في هذا الاتفاق؛ لكن وضعت القوى الموقعة ممثلة في الحرية والتغيير اشتراطات للانضمام للتوقيع على الاتفاق، وبحسب ترى هذه قوى فتح الاتفاق؛ يعني إغراق العملية السياسية بأجسام قد تمثل واجهات للمؤتمر الوطني. في نفس الوقت تمت دعوة حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام للتوقيع على الاتفاق الإطاري خاصة حركة العدل والمساواة بقيادة دكتور جبريل ابراهيم وحركة جيش تحرير السودان، باعتبار أن الحركتين عليهم التزامات واستحقاقات سلام، لكن يبدو أن أمر هذه الدعوة لم تجد القبول من الحركتين، خاصة وأن هذه الحركات الآن هم داخل تحالف كبير وعريض في الضفة الأخرى وهي الكتلة الديمقراطية، ويرى مراقبون أن انتقائية قحت المركزي تربك المشهد السياسي أكثر من حله، حيث يرون أن فك عقدة الأزمة بشمولية الاتفاق مع جميع الأطراف السياسية السودانية.
إلحاق مناوي وجبريل
وشددت نائب رئيس حزب الأمة القومي مريم المنصورة الصادق المهدي على ضرورة إلحاق حركتي العدل والمساواة السودانية، وجيش تحرير السودان بالاتفاق السياسي الإطاري؛ على الرغم من الرفض الشعبي لهما باعتبارهما من داعمي انقلاب 25 أكتوبر. و التقى رئيس حزب الأمة برمة ناصر ونائبه مريم المهدي بوفد من تحالف الكتلة الديمقراطية، ناقشا فيه السبل الكفيلة بإلحاق الأخيرة بالاتفاق الإطاري الذي يمهد لإنهاء الانقلاب الموقع عليه من قبل القوى المدنية والمكون العسكري. وأعربت مريم الصادق المهدي – في مقابلة مع برنامج «المُختصر» بثت على مواقع التواصل الاجتماعي – عن تفهمها لغضب الشارع من محاولات إلحاق قوى ساندت الانقلاب العسكري بالاتفاق السياسي.
وقالت إن ذلك يجب أن لا يكون مبرراً لإقصاء هذه القوى خاصة وأنها من القوى الموقعة على اتفاق جوبا السلام. وأضافت : في الواقع مني وجبريل هما جزء من اتفاقية ملزمة للجميع وهذا الأمر أكدت عليه جميع المبادرات المطروحة من ميثاق لجان المقاومة والمبادرات المطروحة من مختلف القوى السياسية، لذلك يجب أن تكون هناك محاسبات دون التمترس في خانة الإقصاء والإقصاء المضاد. وقالت: لذلك بادر حزب الأمة بفتح حوار مع هؤلاء الإخوة، بعد الجمود الذي لازم فترة قبل التوقيع على الاتفاق الإطاري حتى يشاركوا في المرحلة الثانية من العملية السياسية ومناقشة القضايا الخمس العالقة”.
وتطالب الحركتان فتح الاتفاق الإطاري للتفاوض وتعديله وانطلاقاً من مبادرة لهما تنادي بالاحتفاظ بالوثيقة الدستورية التي تنص على مشاركتهما في السلطة، إلى ذلك تطالب بإشراك حلفائها في الكتلة الديمقراطية في العملية السياسية. وترفض الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري كلا الطالبين.
وكشفت مريم عن اتفاق مسبق بحصر أطراف العملية السياسية الإطارية، في المكونات المدنية بقيادة قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري وحركتي العدل والمساواة السودانية، وجيش تحرير السودان، بالإضافة إلى عدد من القوى الرافضة لانقلاب 25 أكتوبر.
عدم الإغراق
وقال الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي محجوب عثمان لـ(اليوم التالي) إن قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي كشفت في بيانها الأخير والقوى الموقعة على الاتفاق الإطاري أن ثمة اتفاق سبق لها أن تبنته يمنع أي قوى غير ثورية من التوقيع على الاتفاق الإطاري إلا أطراف اتفاقية جوبا للسلام وأنها ترفض إغراق الاتفاق الإطاري بتوقيعات قوى غير حقيقية وتابع.. ولكن الأمر في حقيقته يتعلق بمبارك الفاضل؛ المنافس الشرس على زعامة حزب الأمة القومي وكيان الأنصار إذ أن مريم المهدي والأمين العام لحزب الأمة القومي الواثق البرير يرفضون السماح لمبارك الفاضل بالتوقيع على الاتفاق الإطاري، غيرة منهم ورفضاً منهما للسماح له بالتواجد في أي محفل سياسي كبير باسم حزب الأمة. وزاد.. لكن قحت المركزي سبق لها أن قبلت انضمام الاتحادي الديمقراطي الأصل وحزب المؤتمر الشعبي وجماعة أنصار السنة المحمدية وهؤلاء كانوا ضمن النظام السابق، وبالتالي ليسوا من ضمن قوى الثورة فتم الاتفاق على تسميتهم بقوى الانتقال، وأعتقد أن هذا الاسم يمكنه أن يسمح للجميع عدا المؤتمر الوطني إن قبلت مريم المهدي لمبارك الفاضل بالتوقيع على الاتفاق الإطاري. وأردف لكن القوى السياسية السودانية الأخرى لديها تحفظات عديدة على الاتفاق الإطاري الذي تمت صياغته سراً وغالب تفاصيل بنوده غير معلومة، ويبدو أن ثمة خلافات حقيقية بين طرفي الاتفاق حول تفسير كثير من بنوده كما ظهر في خطاب الفريق أول عبدالفتاح البرهان الأخير في معسكر المعاقيل.
ومضى قائلاً : كثير من القوى السياسية السودانية مثل أهل شرق السودان بقيادة محمد الأمين ترك لديهم قضايا حقيقية يريدون اتفاقاً واضحاً بشأنها وهو ذات موقف الحركات الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام. بينما الاتحادي الديمقراطي الأصل بقيادة محمد عثمان الميرغني ومن يقف معه من أحزاب يرغبون في إشراكهم في تفاصيل الاتفاق الإطاري وفي الحكومة الانتقالية المقترحة، وهنا يكمن أس الخلاف مع قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي
فرق تسد
أما الباحث والمحلل السياسي أحمد عابدين خلال حديثه لـ(اليوم التالي) يرى أن قحت مجموعة أحزاب قائمة على إرث سياسي أنهك إمكانيات السودان، وتسبب على الدوام في تواجد الجيش في السلطة، والإقصاء الذي تمارسه الآن ليس وليد الصدفة؛ لجهة أن عملية فرق تسد ثقافة سائدة في معظم القوى السياسية.
وأضاف: الإسلاميون كي يتخلصوا من الأحزاب الكبيرة مزقوها، والآن قحت بذات عقلية الإسلاميين تريد تمزيق الأحلاف؛ حتى تدين لها السلطة ويساعدهم في ذلك أن البضاعة مزجاة هي الأخرى “في سوق الله أكبر” وفق تعبيره، وتابع : فهذه الحركات وغيرها من الفصائل تخاف على فقدان اتفاق جوبا ومتى ضمنت قداسة الاتفاق زينت الإطاري بالتوقيع، وستنقلب على عقبيها لأنها بقية حلفاء، والذين هم في الأصل تمومة جرتق. تابع هذا نهج مضر فما أفاد في ثلاثين عاماً، واليوم من كان منوط بهم النأي عنه يطبقونه وكأنهم تلاميذ مدرسة د. نافع، وبهذا سيطول أمد الأزمة وتتوسع دائرة الاستقطاب وسيتوفر اللعب الخشن بكافة الميادين. وطالب بتغليب الحل الشامل والتوافق على حكومة كفاءات مستقلة يقودها رجال خبرة مشهود لهم بالوطنية إن كان أهل الاتفاق الإطاري نيتهم سليمة، أما نظرية “فرزعة الخيم” سيرتد حراً وانزلاقاً نحو المجهول، وقال عابدين: هذه الحركات لا يمكن لعاقل أن يستبدلها بضخامة وأهمية باقي الكتل السياسية والاجتماعية الرافضة للاتفاق الإطار، وحتى التوقيع عليه لن يعصم من الانقسامات بداخله؛ وسيكون المنزل مشتعلاً من الداخل.
الفيتو والتصنيف
ومن ناحيته قال رئيس القطاع السياسي بحزب الأمة فتحي حسن لـ(اليوم التالي): إنه بطبيعة الحال مازال المجلس المركزي للحرية والتغيير يفكر بطريقة أكل (البرتقالة) والاحتفاظ بها فى ذات الوقت فهي فاوضت المكون العسكري الذي انقلب عليها وأنهى الشراكة السياسية معها وأن المكون العسكري الفاعل الأول فكيف جاز لهم أن يعاقبوا من أيد أو ساند، فحركتي العدل والمساواة وتحرير السودان جزء أساسي من اتفاق جوبا للسلام، وحينما قام المكون العسكري بإجراءات أكتوبر من العام الماضي استثنى مكونات وأطراف اتفاق جوبا، الاستثناء هو من منحهم الاستمرار في مواقعهم، وأضاف.. قبل هذا كله تذوقت مجموعة سلام جوبا من كأس الإقصاء عندما تم تهميشهم وإقصاؤهم من مؤتمر قاعة الصداقة الذى دعت له مجموعة الأحزاب الأربعة، و تابع.. هذا ما قاد ضمن عوامل أخرى إلى إجراءات فض الشراكة فى أكتوبر من العام الماضي، والآن المجلس المركزي في ورطة كبيرة، ففي الوقت الذي سعى بكل ما يملك من قوة لتوقيع جزء من المؤتمر الشعبي والحسن وإبراهيم الميرغني من الاتحادي الأصل، فهم عن طريق ما وصفه بالاستهبال السياسي يريدون أن يحتفظوا بالفيتو وتصنيف القوى السياسية السودانية بأن هذا داعم للانقلاب، والآخر درجة إيمانه بالتحول الديمقراطي لا تؤهله للمشاركة ونسي هؤلاء أنهم مجرد أحزاب سياسية لا تملك تفويضاً من أهل السودان وأنهم لا يمتلكون مزايا تجعلهم متفوقين على الآخرين، وزاد.. اللهم إلا المزايدة والاستعانة بالأجنبي والاستقواء به، واختيار قحت لحركتي العدل والمساواة وتحرير السودان لا ينم عن ذكاء سياسي ولا يسنده منطق، ولكن العدل والمساواة وتحرير السودان، هم الآن جزء من كتلة التغيير الديمقراطي ولن يتركوا تحالفهم بمجرد طلب من مجموعة المركزي، وأضاف.. وفوق هذا وذاك هؤلاء مطالبهم واضحة، وهي فتح هذا الاتفاق الإطاري ليستوعب ملاحظاتهم وملاحظات غيرهم من القوى السياسية الوطنية وأن الاتفاق الإطاري مفتوح للجميع للتوقيع، وأن المركزي ليس الطرف الوحيد في المعادلة.