عبد الحفيظ مريود يكتب: مالو لو قلبك طرانا؟

بدون زعل

لا أعبر جسر شمبات، من أمدرمان إلى بحري، دون أن أمتع عيني.. ألتفت يميناً – عادة – حين لا أكون خلف عجلة القيادة.. كيف يعبر المرء، هكذا، عجلاً، على الجمال المهيب، وكأنه لم يكن؟ كأنه غير موجود، لم يخلق، بعد؟ ذلك شيء أسطوري.. الرباطابي العجوز عند رأس جزيرة “مقرات”، عند منحنى النيل، والشلال رقيق، مثل فتاة شايقية من “البركل”، كنت أعرفها زماناً، يرد على نجم قناة الجزيرة أسامة سيد أحمد، ولم يكن حينها نجماً كبيراً، حين علق على المنظر القاتل، جمالاً، والمركب تتهادى، والمصور الفنان يسار سيف الدين الدسوقي يرسم لوحاته بعين الكاميرا (المنظر السمح دا، عاد جبتوا معاكم؟ ما لقيتوهو هني.. من خلقونا بنشوفو.. مو جديد).. أليس في وسع الرباطابي – لبضعة دقائق فقط – أن يكون غير “قطيم”؟ شخصاً عادياً، مثلاً؟
شايف كيف؟
من على جسر شمبات، يبدو لك كأن سر الأسرار ههنا.. يظل يجذبك باستمرار.. يريدك أن تلتفت، أن تصغي، أن تعيد توازنك.. ليس المكان عادياً، بأي حال من الأحوال.. من بحيرتين بعيدتين عن المكان، وعن بعضهما، يلتقي اللغزان العظيمان.. المجريان الخالدان.. أليس ذلك رهيباً، مهيباً، باعثاً على كل شيء؟
بعض أصدقائي المكاشفية، دامت تأييداتهم، قبل سنوات – خلال تواصلهم مع عوالم الجن – دعاهما صديق من الجن لحضور زفاف في مدينتهم، “كوكانهيلا”.. بوابة المدينة تحت جسر شمبات، في أمدرمان، شمال محطة المياه، قبالة بيت المال.. سينتظرهم عند البوابة.. فقط عليهما أن يختما القرءان في ليلة معينة، ويصلا إلى الموقع ضحى، وأن يقولا عبارات مكررة، علمهما إياها… سيريان البوابة، وستفتح من تلقائها.. سيكون هناك، بانتظارهما، ومن ثم، ستحل جميع مشاكلهما..
شايف كيف؟
بعد صلاة العشاء، برك صديقاي المكاشفيان، عاكفين على القرءان، يختمانه.. بعد صلاة الصبح، شربا شايا ببعض زلابية، وتوجها تلقاء أمدرمان، يقصدان موقع البوابة..
وصلا، ضحى، والناس خارجون إلى أشغالهم ودراستهم.. تغالطا – لوهلة – حول الطلسم، وعدد المرات التي يتوجب تكراره فيها.. وحين وصلا لاتفاق، رددا طلسمهما.. كان الوقت بداية صيف.. وهما تحت الجسر.. حين فرغا، كان هناك إعصار “ابن كلب”، يستهدفهما.. يلتف حولهما، يطاردهما حيث يجريان، هربا منه.. حتى صعدا الدرج الصاعد إلى جسر شمبات.. وقفا في محطة “المظلة”، دقائق، ثم ركبا إحدى حافلات الشهداء، إلى المحطة الوسطى بحري.. الناس يسترقون النظر إليهما ويتهامسون.. ليس هناك من عاصفة أو كتاحة خلال الأسبوع كله، فمن أي مقابر خرج هذان الشخصان؟ لم يجرؤ أحد على توجيه أي سؤال أو كلام إليهما.. حتى نزلا.. دخلا حمامات مسجد بحري الكبير، على الأقل سيكونان مقبولين، بثياب متسخة.. يمكن لأي شخص، بعد هذا الاستحمام أن يتعرف على كائنين بشريين…
شايف كيف؟
الظن بأنه “مجمع البحرين”، ليس بعيداً.. المكان معبأ بالأسرار والحكايات والطرائف.. يمكن لسكان بيت المال، الملازمين، أبو روف أن يجعلوا عينيك جاحظتين من الحكايات الموغلة في الغرابة.. الأقرب إلى الأساطير..
شايف؟
بروفسور عبد الله الطيب كان قد أشار إلى أنه ربما كان مجمع البحرين.. النيل أبو قرون ود. محمود رزق يؤكدان ذلك.. والله أعلم.. لكن صديقي المولع بالماورائيات يقسم أن قبائل الجن بايعت محمد أحمد المهدي في موضع البرلمان الحالي.. فتأمل، أيدك الله!!
المهم…
العابرون جسر شمبات، أرجو أن تلتفتوا إلى الجمال الجليل للمنطقة.. للمشاهد المقدسة التي تكاد تنطق.. لكل شيء من على الجسر أسراره المبجلة..لا تستعجلوا العبور، فكله ملحوق..
شايف كيف؟
سيفتح الله قلبك لترى، وسترى.. ثق بذلك.

Comments (0)
Add Comment