نبيل أديب: نفي البشير مشاركة عسكريين ومدنيين، لن يفيدهم أمام المحكمة
الاتهام: البشير أدلى بغير الحقائق ولما هو مجافٍ لما حدث بالفعل
الدفاع: البشير وقف أمس شامخاً مطمئناً، ولم يتبرأ مما نسب إليه
الخرطوم: إبراهيم عبد الرازق
في خطوة متقدمة لمحاكمة مدبري انقلاب الثلاثين من يونيو ١٩٨٩، أعلن الرئيس المعزول عمر البشير أمس في استجوابه عن مسؤوليته عن الانقلاب الذي أطاح بحكومة الصادق المهدي في 30 يونيو1989.
ونفى في ذات الوقت مشاركة المتهمين داخل القاعة في التخطيط والتنفيذ، لكن ممثل الاتهام قال لـ(اليوم التالي) أمس إن حديث البشير حمل تناقضات ولم يقل الحقيقة، في وقت اعتبر الدفاع في حديثه لـ(اليوم التالي) إن البشير وقف شامخاً ومطمئناً، ما دحض توقعات الكثيرين، بينما رأى المحامي نبيل أديب أنه لم يكن أمام المتهم الأول سوى الاعتراف.
سيد الأدلة!
في تقدم ملحوظ لمرحلة الدفاع بعد توجيه التهم في محاكمة مدبري انقلاب الثلاثين من يونيو، وبعد انتقادات واتهامات بالتعطيل وكثرة دعاوى التأخير، واتهامات وصلت حد تصريح لهيئة الاتهام (لا نستغرب إذا أعلن إطلاق سراح البشير)، عقدت المحكمة أمس جلسة لسماع دفاع المتهم عمر البشير، بعد مرحلة الاستجواب وسماع الشهود، حيث أعلن الرئيس المعزول عمر البشير أمس، في أول سماع له في قضية انقلاب 1989 مسؤوليته الكاملة عن الانقلاب الذي أطاح بحكومة الصادق المهدي في 30 يونيو 1989.
وقال البشير في إفادته لأول مرة منذ الإطاحة به أمام القضاء: (بكل الفخر والإعزاز أنا قائد ومفجر ثورة الثلاثين من يونيو) وتابع: كانت الأوضاع لا تتحمل أي تأجيل، كتبنا مذكرة للإمام الصادق المهدي رحمه الله بعد الثانية عشرة منتصف الليل، كانت هناك أمور محددة يجب الحكومة أن تستجيب لها.
وأضاف: أعطوا الحكومة أسبوعاً مهلة، ولكن لم يحدث أي شيء، مما تسبب في حالة تذمر واسعة داخل القوات المسلحة، وبدأت حركة نشطة جداً من الضباط لتغيير الأوضاع بالسودان.
وتابع: كنا واحدة من هذه المجموعات وتوكلنا على الله، الأمر كان يستدعي التضحية، لما دخلنا القيادة العامة لم ندخلها بقوة جيش، دخلتها كوني ضابطاً مظلياً من حماية ودفاع عن القيادة العامة، وكانت الاستجابة فورية ودون أي تردد.
واختتم حديثه قائلاً: أتحمل كل المسؤولية عما تم في 30 يونيو، وأعلم أن الاعتراف هو سيد الأدلة.
ويمثل البشير، و15 ضابطاً من القوات المسلحة و8 مدنيين من قيادات تنظيم الحركة الإسلامية، أمام محكمة خاصة لمواجهة اتهامات تصل عقوبتها للإعدام بسبب تقويض النظام الدستوري على خلفية المشاركة في انقلاب 30 يونيو 1989 بغطاء كامل من الحركة الإسلامية التي كان يتزعمها حسن الترابي، الذي تُوفي في مارس 2016.
دفاع سياسي!
المحامي نبيل أديب قال لـ(اليوم التالي) أمس إن اعتراف البشير يلزمه كمتهم، إما نفيه مشاركة الآخرين في التخطيط وتنفيذ انقلاب الثلاثين من يونيو لا تؤثر على اتهامهم، بالتالي لا يؤثر في مجريات القضاء تجاههم.
وأضاف أديب إن البشير في استجوابه قدم دفاعاً سياسياً، بتعديده لإنجازات الإنقاذ من طرق وخلافه، ورأى أنه لجأ إلى ذلك لضعف موقفه قانونياً.
وحول اعترافه بتهمة التخطيط والتنفيذ للانقلاب قال أديب إنها أمر متوقع باعتبار أنه لا خيار أمامه غير ذلك، وبهذا الاعتراف أصبح أمام المحكمة مذنباً، ولفت أديب الى أنه فيما يلي التهم التي يتوقع فيها الحكم بالإعدام أو السجن المؤبد، فإن القاضي من عنده يحول أقوال المتهم إلى غير مذنب، ليتيح أمام المتهم فرصة للدفاع عن نفسه.
حزمة متناقضات!
أما ممثل هيئة الاتهام في قضية انقلاب الثلاثين من يونيو المعز حضرة قال إن ما ذكره المتهم أمس يؤكد أن هيئة الاتهام نجحت في تقديم بيانات دامغة وأضاف لـ(اليوم التالي) أمس أن ظهور البشير في جلسة الأمس وتقديمه لهذا الحديث المطول يؤكد أنه بصحة جيدة تمكنه من الوقوف والحديث، ويقلل من ما ظل يتردد لأكثر من عام عن تدهور حالته الصحية ومكوثه بالمستشفى.
وحول إفادات المتهم قال حضرة إنه دخل في متناقضات مع ما قدم من مستندات مكتوبة ووثائق مصورة، وتابع أن حديثه يناقض نفسه بنفسه. وتابع حضرة بقوله: (كنا نتوقع أن يقدم المتهم إفادات حقائق أن من قام بالتخطيط هو الجبهة الإسلامية القومية وهو ما صرح به من قبل لعدد من قنوات الإعلام، وبذلك يقدم شهادة للتاريخ لإيقاف جرائم الانقلاب) وتابع: لكن من الواضح أن المتهم ما زال يدلي بغير الحقائق ويتحرى الإدلاء لما هو مجافٍ لما حدث بالفعل.
وحول حديث المتهم عن إنجازات قامت بها حكومة الإنقاذ قال حضرة إن ما صاغه المتهم من إنجازات لا يبرر الجرائم التي يواجهها من الانقلاب وفصل الجنوب وقتل المئات وغيرها من الحوادث التي ارتكبت قبل قيام ثورة ديسمبر المجيدة ٢٠١٩م.
السياسة والقانون!
أما عضو هيئة الدفاع عن متهمي انقلاب الثلاثين من يونيو محمد شوكت فقد اعتبر جلسة الأمس كانت نقطة تحول كبيرة في القضية، وأضاف شوكت لـ(اليوم التالي): الكل كان ينتظر كلام الرئيس المعزول البشير أمس في هذه الجلسة، وكثرة التوقعات هنا وهناك حول ما سيقوله، لكن الرئيس السابق وقف أمس شامخاً، واثقاً لما يقوله، مطمئناً، وغير متبرئ مما نسب اليه وقال بوضوح: جئنا لخدمة الشعب السوداني بعد التردي الذي أصابه بسبب السيولة الأمنية ووفقاً لحق القوات المسلحة في التدخل في مثل هذه الحالات من باب المحافظة على الوطن .
ومضى شوكت أن قضية مدبري الانقلاب بها اختلاط كبير بين السياسة والقانون، وهي ليست قضية جنائية عادية، وذلك من حيث التراكم الزمني بعد مضي ثلاثين عاماً في وقت كان يعتبر القانون مضي أكثر من ١٠ سنوات على القضية يسقطها، وتابع شوكت: لكن هنالك تعديلات حدثت في القانون أثناء النظر في هذه القضية باعتبار تقييم المحكمة أن (الجريمة مستمرة).
ويشرح شوكت أن جلسة الأمس وهي الثانية لاستجواب المتهمين بعد قفل قضية الاتهام تعرف بأنها المرحلة الوسط بين سماع الاتهام وسماع الدفاع، واستجواب الأمس كان يخص المحكمة فقط حيث يتاح للمتهم الفرصة الكاملة في الرد على كل ما وجه إليه من اتهام، ونوه الى أن هذه الجلسة مهمة قانونياً إذ ربما شطبت المحكمة التهم الموجهة إذا رأت صحة ما قطع به الرئيس أنه قام بهذا العمل استناداً لقانون القوات المسلحة ١٩٦٥ -١٩٦٦.