مع تقلبات الراهن السياسي المضطرب بجانب ترقب الشارع لتعيين رئيس مجلس وزراء ومن بعد تعيين وزارء لاكمال ماتبقى من فترة انتقالية تستحضرنا الذاكرة وتستدعي مواقف مشابهة لتلك الحالة، وإن كانت فذلكة أو كتابات درامية للحالة السياسية الراهنة، من بين تلك تبرز القصة الدرامية المحبوكة التي ألفها الكاتب المصري وحيد حامد وحولها إلى فيلم سينمائي قام بلعب دور البطولة فيه الممثل المصري الراحل أحمد زكي في دور رأفت رستم.
فمن الأدوار التي أبدع فيها الفنان المصري الراحل أحمد زكي وأجادها دوره وتجسيده لرأفت رستم وهو وزير دخل الوزارة بالصدفة في فيلم (معالي الوزير).
فمعالي الوزير الذي دخل التشكيل الوزاري بـ(الصدفة) عن طريق الخطأ لتطابق أسماء ليس إلا.. لم يصدق هو نفسه حين هاتفه رئيس الوزراء (المكلف بتشكيل الوزارة).. ليبلغه بأنه اختير لتولي أعباء الوزارة في التشكيل الجديد.
ووصل وزير الصدفة إلى مجلس الوزراء لأداء القسم وكانت مفاجأة من العيار الثقيل لرئيس الوزراء الذي فوجيء بحضور وزير الصدفة.
جن جنون رئيس الوزراء (عمر الحريري) للخطأ الفادح الذي وقع فيه مكتبه والذي أعطى الرئيس رقم شخص آخر غير الشخص الذي تم ترشيحه للوزارة لتطابق أسماء ليس إلا، ولضيق الوقت وقرب وصول رئيس الجمهورية اقتنع رئيس الوزراء بقبوله على عجل حتى لا يقع في حرج.
معالي وزير الصدفة أيام الجامعة كان مصدرًا أمنيًّا رفيع المستوى وكان يمد أمن الدولة بكل شاردة وواردة تحدث في الجامعة من كل العناصر السياسية.
ومن فرط انتمائه وحبه للأجهزة الأمنية غامر وزير الصدفة (الطالب حينها).. بحياته الاجتماعية وتزوج بإحدى كادرات حزب سياسي مستهدف أمنياً لتكون رافدًا معلوماتيًّا له ولجهاز أمن الدولة.
ولكن سرعان ما اكتشفت الزوجة المخدوعة زهرة فؤاد (يسرا) بأن زوجها لم يكن غير غواصة (أمنية).. اقتحمت حياتها فكان الطلاق وكانت الفضيحة (بجلاجل)؟!
بعد الجامعة واصل زكي رستم تضحياته عبر واجهات استثمارية وخلال خمس سنين صار وبقدرة قادر من كبار رجال المال والأعمال بفضل تسهيلات الحكومة المالية.
عند قدومه الوزارة لم يكن يملك معالي الوزير حينها غير 1% من جملة المبلغ ولكنها السياسة والخداع والضحك على (الدقون) لكنه يخرج من الوزارة بـ(50) مليون دولار من أين؟!..
معالي الوزير كان يصرف أمور وزارته بكل أمانة مع حزبه وبكل خيانة لشعبه الأمر الذي يجعله باقيًا في منصبه رغم مرور عجلة إعادة التشكيل الوزاري حوله عدة مرات إلا أن (أبو الهول) صامد وباقٍ لإخلاصه اللا متناهي!!
وبعمل يديه وفعلها يعيش وزير الصدفة كوابيس لا تحصى ولا تعد تجعل النوم أغلى أمانيه ويجعل الراحة همًّا وقصدًا مطلوبًا للسيد (المستوزر).
اليأس والضجر والملل والخوف من فضح أمره جعل وزير الصدفة يفضي بأمره كله لمدير مكتبه هشام عبدالحميد (عطية).. الذي سعى لعلاج وإخراج الوزير من مرضه المزمن إلا أن الوزير ولسيطرة عقدة المؤامرة على مخططاته يدفعه الشك في مساعده فيقتل مدير مكتبه خشية افتضاح أمره ومرضه!!
من العبر التي خرجت بها من قصة فلم (معالي الوزير) الذي شاهدته لأول مرة قبل سبعة عشر عاماً أنها مليئة بالكوابيس المثيرة والمزعجة التي تعري الفساد والشخصيات التي تمارسه، وهو أمر يؤكد أن الفن يمكن له أن يلعب دوراً في التقدم ومحاربة الفساد وصفع الفاسدين سياسياً وماليًا.