يرى النقاد أن الفن بلا قيمة؛ كالجسد بلا روح.. وهذه الحقيقة التي كشفها الخبراء والمختصون في هذا الشأن، تؤكد – بما لا يدع مجال للشك – الأهمية القصوى للغناء، وأنه ليس مجرد ملء مساحة مبددة من الزمن، أو وسيلة ترفيه لقتل الوقت فقط، وإنما بمثابة الروح التي تطرب الشعوب، لذا يجب أن يتضمن في داخله رسالة ذات معانٍ قيمة، مغلفة بالموسيقى واللحن الجميل..
ورغم التطور التقني الذي يشهده الوسط الفني حالياً، إلا أن مستوى الغناء هابط ومنحدر بشكل سريع نحو القاع، وأن غالبية الأعمال المنتجة غير صالحة للاستماع، بعدما أصبح هدف غالبية فناني الشباب اليوم هو حشد “الترند” وملء الفضاء الإسفيري ومنصات التواصل الاجتماعي، مما سمح بظهور أغانٍ على السطح لا تتضمن في داخلها رسالة أو قيمة معنوية في مكونها على مستوى الكلمات، اللحن والموسيقى..
ووفقاً للمعايير فإن أغنية اليوم ليس المقومات الكافية للبقاء مدة طويلة، فهي تذوب وتختفي من الوجود بنفس سرعة ظهورها على السطح، وأعرف عدداً من الفنانين الشباب، بتراجع مستوى الأغنية في الوقت الحالي، وقال مطرب الشاب “سامي عزالدين” في مناظرة بقناة النيل الأزرق: إن الأغنيات عند الجيل الحالي جاءت ضعيفة، لأن الهدف منها هو تحقيق (التريند )، لذلك فإن المنتج من الأغنيات الجديدة فشل في الرسوخ، ويضيف “عز الدين” : الجيل الحالي من المطربين الشباب يرون أنهم بذلك النوع من الأغنيات يعبرون عن جيلهم، ولكل جيل قناعته بزمنه وثقافته، وفعلاً هناك استخدام مفردات الشارع، وهي سلاح ذو حدين، لكنها في الغالب لا ترقى لمستوى الغناء.
ومن ناحيته؛ سدد الفنان الكبير “صلاح براون” انتقادات صوب صدر فناني الشباب واعتبرهم فاشلين لأنهم استمروا في التقليد ولم يقدموا إنتاجاً جدبداً، وقال “براون” في تصريح تلفزيوني للنيل الأزرق: إن الجيل الحالي يعتمد على ترديد أغنيات الآخرين وفشلوا في تقديم أعمالهم الخاصة، وحتى تلك الأعمال الخاصة المنتجة – على قلتها – نجدها في غاية الضعف والركاكة ولم توسخ، وأشار الفنان المخضرم “براون” إلى أنه بدأ مقلداً لجيمس براون في زمن كانت تنتشر فيه فرق الجاز في العالم، ولكن بعد فترة أظهر شخصيته الفنية من خلال أعماله الخاصة، وكل الفنانين الكبار بدأوا مقلدين لكنهم لم يستمروا طويلاً واتجهوا لتقديم أغنياتهم الخاصة، الآن يوجد موسيقيون ممتازون، لكن لا توجد ألحان جيدة ولا كلمات تصلح للغناء..
أما الفنان “حسن صبرة” فقد أكد أن الفن السوداني يمر بأزمة كبيرة بسبب عدم التواصل بين الأجيال، وأشار إلى أن الجيل الحالي يقدم منتجاً لا يشبه الفن الأصيل، رغم وجود أصوات جيدة، إلا أنها تستهلك في أغنيات أشبه ب”فقاقيع الصابون”، في إشارة إلى أن مفعولها ينتهي بسرعة..