صالح حسب الله: صراعات الشرق صنعت تحت إشراف ورعاية المركز
الأمين داود: الصراعات في الشرق انحدرت لمستوى متدنٍ
ستنا محمود: الانقسامات جعلت الشرق خارج العملية السياسية
***
أزمة شرق السودان ظهرت كأكبر أزمة في السودان إبان الفترة الانتقالية، بل كانت هي من الأزمات الاستراتيجية التي أدت بحكومة الفترة الانتقالية إلى مثواها الأخير، لكن يبدو أن الأزمة احتفلت إلى حدٍ كبير بين أبناء الإقليم، حيث شهدت مكونات شرق السودان إدارات أهلية وأحزاب سياسية وحركات انقسامات يقدر لها أن تبدد أحلام شعب الإقليم الشرقي الذي يعتبر القلب النابض للسودان وشريان الحياة بوجود الموانئ المطلة على البحر الأحمر وأبرز هذه الانقسامات رفض مسار شرق السودان الموقع في جوبا بالإضافة إلى الانقسامات داخل نظارات البجا والعموديات المستقلة بالإضافة إلى مجلس الإدارات الاهلية الموقع على الاتفاق الإطاري الذي رفض من قبل مكونات كبيرة من شرق السودان ويرى مراقبون أن انقسام هذه المكونات لن تكون فأل خير على الإقليم ما لم تجتمع كل المكونات على كلمة واحدة من أجل مناقشة قضايا شرق السودان.
أجسام هلامية
يقول رئيس الحركة الوطنية الديمقراطية صالح حسب الله لـ(اليوم التالي) إن الورشة التي انعقدت بقاعة الصداقة الأسبوع الماضي عن قضايا شرق السودان كان يتطلب على الأقل معرفة أوراق الورشة ومقدميها والجهات الداعمة لها وهذا ما لم أعرفه عن قرب ولكن إذا تحدثنا عن قضايا الشرق عموماً فهي لا تنفصل عن قضايا الوطن عموماً الذي يعاني من هشاشة في مؤسسات الدولة ومعاناة الشعب السوداني في كل نواحي الحياة منذ السنوات الثلاث الماضية.
وقال حسب الله: هذا ما أتاح ظهور أجسام هلامية في المشهد العام السوداني لم يغير من المأساة التي يتعرض لها الوطن في وحدته وتفتيت نسيجه الاجتماعي وغياب الأمن وذهاب هيبة الدولة مما أدى إلى هلع وخوف من المجهول أوساط الشعب السوداني، وتابع: والآن قضايا الشرق هي قضايا كل السودان.
وأضاف حسب الله صراعات الشرق صنعت تحت إشراف ورعاية المركز لتكون أداة تخدم المتصارعين في السلطة حتى ينشغل أهل الشرق بخلافاتهم التي لم يستفيد منها أهل الشرق والكل خسران، وقال إن الانقسامات في الشرق لن تنتهي إلا بتكوين حكومة يرضى عنها الجميع، وزاد صالح قائلاً: الذي أود تأكيده أن الشرق سيتعافى وسيخرج من هذه الانتكاسة العابرة أكثر قوة ووحدة ووقتها يحصد المركز ما زرع.
صياغة مطالب
وقال القيادي بشرق السودان رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة الأمين داوود لـ(اليوم التالي) عن الورشة الخاصة بقضايا شرق السودان التي جمعت قيادات من شرق تعتبر من الوسائل المدنية لصياغة المطالب بشكل عقلاني توافقي وخطوة نحو ترتيب الأوضاع في الإقليم الشرقي، وهي مبادرة تأتي في سياق شرح ما يزخر به الشرق الحبيب وتابع: مسألة الصراعات السياسية شيء أصبح ملازماً لكل المجموعات السودانية المختلف في الأمر أن الخلافات السياسية في الشرق انحدرت لمستوى متدني كبير لدرجة عودة العنصرية والفلول.
صراعات غير منطقية
وترى عضو المكتب القيادي بمؤتمر البجا المعارض ستنا محمود لـ(اليوم التالي) أن الانقسامات شيء طبيعي في الأحزاب السياسية، واستشهدت بالانقسامات التي تشهدها بعض الأحزاب وتقسيمها إلى أكثر من خمسة أحزاب، وتقول إن الصراعات غير منطقية تجعل شرق السودان خارج الفعل السياسي وجعلته من غير أي تمثيل في حكومة الفترة الانتقالية السابقة وتضرر منها الإقليم وإنسان الشرق المكلوم بشكل كامل ويجب عليهم كقوى سياسية تمثل شرق السودان والسودان بصفة عامة وتقديم مصلحة البلاد التي تمر بمرحلة حرجة على المصالح الخاصة والضيقة وتحمل مسؤولياتهم تجاه شعب الاقليم والبحث بعقل مفتوح مع السودانيين لحل الأزمة السودانية ومن ثم الشرق، وزادت: أما ما يخص الانقسامات في مكونات شرق السودان والصراعات التي نحن بصددها فأكيد لها تأثير على قضايا العادلة في الشرق التي ترتبط مباشرة بقضايا التنمية والخدمات التي يحتاجها شعبنا وأردفت: هناك فرصة عبر الاتفاق الإطاري لاستعادة الفترة الانتقالية والحكومة المدنية يجب على القوى السياسية الثورية والمؤمنة بالانتقال أن تشارك في العملية السياسية في مرحلتها الثانية وهنالك مساحة لمناقشة أزمة شرق السودان عبر مؤتمر يجمع كل أبناء شرق السودان لمناقشة القضايا الخلافية في شرق السودان وكيفية معالجتها .
قضية قومية
فيما يقول أمين الإعلام المجلس الأعلى للإدارة الأهلية بشرق السودان الموقعة على الاتفاق الإطاري إبراهيم إسماعيل جامع لـ(اليوم التالي): إننا نرحب بالاتفاق الإطاري الذي منح قضية شرق السودان مساحةً واسعة واعتبرها قضية قومية مهمة تحتاج إلى نقاش مستفيض ومعالجة جذور هذه الأزمة تماماً من خلال نقاش وحوار بَناء بين جميع القوى السياسية والمدنية الداعمة للانتقال الديمقراطي داخل الإقليم وخارجه دون إقصاء أي مكون أو طرف. وتابع: أهل الشرق مطلبهم أن يكونوا حاضرين كشركاء في المرحلة الانتقالية وشهوداً على أي شيء فيه تقرير بشأن الوطن دون عزل لأي مكون وبخاصة في الفترة الانتقالية فهم لا يريدون أن يقرر لهم الآخرون. وزاد: الصراع في الشرق سياسي وليس صراعاً اجتماعياً والانقسام ظاهر بين من يؤيدون التغيير ومن يتمنون ويعملون على عودة النظام القديم عبر التنسيق مع الدولة العميقة وللأسف كانت وسائل الصراع في الشرق غير أخلاقية مثل استخدام الحشد القبلي لتمرير قرارات سياسية أو فرض وجهة نظر مغايرة لتيار معين، وأردف: الشرق كان ميدان معركة خلفية في غير معترك فهذا الانقسام الذي تراه انقسام معمول لغرض معروف للكل والغافل من ظن الأشياء هي الأشياء، فالمقارنة بين مجلس به (17) ناظر ومجلس قوامه ناظر واحد معدومة.
ومضى بالقول: الانقسامية تخلق تأثيراً سلبياً والخطير هو تغييب الشرق مرة أخرى من التمثيل السياسي وقيمة الثروة والسلطة بحجة عدم الاتفاق وجزم جامع بقوله: (تاني ما بنقبل قولهم أمشوا اتفقوا وتعالوا)، وأشار إلى وجود أمل لحل القضايا العالقة والخلافية بالشرق وخاصة إن الاتفاق الإطاري بوضعه لقضية الشرق ضمن النقاط الخمسة المهمة هو حل يرضي جميع الأطراف.
عدم استقرار
من ناحيته قال الباحث والمحلل السياسي محمد محي الدين في حديثه لـ(اليوم التالي) إن الصراعات في شرق السودان وخاصة الانقسامات ما بين المكونات واحدة من ملامح الأزمة الحالية في السودان خاصة وأن هذه الصراعات في مجملها بين مكونات شرق السودان المختلفة، بالتالي تجعل هناك حالة من عدم الاستقرار داخل الإقليم وبين الإقليم وداخل المؤسسات في الدولة، وتابع: يأخذ الصراع بعدين داخلي في الإقليم وبعد بين المؤسسات الحاكمة في الوضع السياسي الراهن وزاد: هذه الصراعات لها تأثيرها لأنه من الصعب أخذ موقف محدد لمعالجة قضية شرق السودان لأن كل مرة سنجد الصراعات البينية بين المكونات في شرق السودان تصعب الاتفاق حتى يكون مرضياً لكل الأطراف بالتالي المعالجة تبدأ من أن يتم مناقشة قضايا شرق السودان بين المكونات هناك والوصول إلى قيادة ورؤية واحدة من ثم تتم مناقشة هذا الأمر على مستوي الإقليم مع المركز إذا توفرت الإرادة لمعالجة القضية، وجزم محي الدين بأن الصراعات داخل الإقليم سيكون لديها تأثيراتها التي تصعب الوصول إلى أي تسوية سياسية أو أي إتفاق مرضٍ لأهل السودان خاصة وأن الخلافات بين المكونات الإثنية بين الهدندوة والبني عامر وبين الهدندوة فيما بعضهم وبين الموقعين على سلام جوبا عبر مسار الشرق السودان ويمضي إلى الخلافات بين هذه المجموعات كل واحدة تدعي أنها تمتلك الرأي في مسار شرق السودان وهي خلافات بين ثلاثة مستويات إذا لم تتم معالجتها من الصعب تصور حل لمشكلة شرق السودان.
دفاع عن قضية
وفي السياق ذاته أشار المستشار القانوني لنظارات البجا والعموديات المستقلة أحمد موسى في حديثه لـ(اليوم التالي) لأثر الانقسامات على قضايا الشرق، مشدداً على ضرورة الوحدة من أجل الدفاع عن القضية، وقال إن الغريب في الأمر جميع هذه الكتل والمكونات غير مختلفة في الفكرة العامة إنهم يحصلون على حقوق شرق السودان وتكون في الدستور والإعلانات السياسية المختلفة، وتابع: شرق السودان ينال حقوقه كاملة مثل أقاليم السودان الأخرى ويستفيد الإقليم من موارده بحكم أبناء الإقليم أنفسهم والمشاركة في حكم الدولة السودانية هذه هي الفكرة العامة ومتفق عليها من أبناء الشرق وزاد: يأتي الاختلاف في تنفيذ، متسائلاً عن كيفية التنفيذ المختلف عليها هل بواسطة اتفاق مسار الشرق؟ أم يتم التنفيذ بواسطة التواصل مع القوى المركزية في الحرية والتغيير المجلس المركزي أو مع بقية القوى أم يتم التنفيذ في كتلة أبناء الشرق مع بعضهم؟ هذه الأزمة التي أتت بالانقسامات والتفرقة ونجد أيضاً هنالك اختلافات داخل مجلس نظارات البجا بين مجموعة الناظر ترك ومجموعة إبراهيم أدروب في كيفية إدارة الملف موضحاً أن الاختلاف كان في الإجراءات مما أدى إلى الانقسام بين المجموعتين خاصة أن المجموعة الأولى الإدارة الأهلية أكبر عكس مجموعة إبراهيم أدروب التي يغلب فيها الطابع السياسي ويمضي بالقول إن المشكلة التي تواجه المسؤولين على مستوى المركز في كيفية التعامل مع هذه المجموعة من المؤكد ستكون بصعوبة على أساس إرضاء هذه المجموعات التي إذا كانت كتلة واحدة كان سيكون التعامل معها أسهل لذلك تعامل السلطة في المركز مع هذه المجموعات فيه تعقيدات وأي خلل في طريقة التنفيذ يخلق أزمة جديدة وأضاف أن شرق السودان يحتاج توحيد القضية التي تنقسم إلى قسمين المشاركة في إدارة الدولة السودانية وإدارة الإقليم كمستحقات سياسية وهو الجزء الذي يمثل الخلاف، أما ما يخص التنمية أعتقد لن يكون فيه خلاف بالطبع يحتاج إلى توحيد الرؤى فيه جازماً بأن هذه الانقسامات تزيد في تعقيد القضية وآليات ورؤية الحل.