أكثر من ثلاثة أسابيع انقضت منذ التوقيع على الاتفاق الإطاري بين المكون العسكري وتكتلات من القوى المدنية في السودان، فيما لا يزال النقاش خجولاً فيما يلي القضايا الخمس التي أجلت لمزيد من المشاورات، لا سيما وأن الأوضاع الداخلية في البلاد تزداد تعقيداً مع مرور الأيام، ما يجعل من تعجيل الخطى نحو معالجة تلك القضايا ضرورة ملحة.
وتمثل قضايا (العدالة الانتقالية، الإصلاح الأمني والعسكري، ومراجعة اتفاقية السلام، وقضية شرق السودان، وإزالة تمكين نظام التمكين) محور الخلاف الدائر بين المكونات السودانية المختلفة (عسكرية ومدنية).
نقطة ضوء
ورغم أن الاتفاق الإطاري الذي تم توقيعه في الخامس من ديسمبر الجاري يمثل نقطة ضوء في عتمة الأزمة، إلا أن التباطؤ في حسم تلك الملفات يمكن أن يهزم بحسب مراقبين روح الأمل التي بدأت تدب في أوصال المشهد السياسي، ويضعف الثقة التي وفرها الاتفاق الإطاري، الأمر الذي يستدعي تسريع وتيرة التواصل مع الرافضين للاتفاق، وتوسيع قاعدة المشاركة في المشاورات.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية د. الرشيد محمد إبراهيم لـ«البيان» أن القضايا الخمس المطروحة تمثل مطلوبات فترة الانتقال السياسي في البلاد، ولا يمكن حسمها دون بناء مؤسسات قوية، وتتطلب كذلك عملية بناء مؤسسي لهياكل وأذرع العدالة من قضاء ونيابة، ومحكمة دستورية، والتأسيس لدولة القانون، حتى لا تستخدم تلك القضايا القانون كشعارات للوصول للسلطة.
الوثيقة الدستورية
ولفت إبراهيم إلى أن تلك القضايا ذاتها التي يتم التشاور حولها تضمنت الوثيقة الدستورية المجمدة، ولكنها لم تنزل إلى الواقع بسبب غياب الرؤية لدى أطراف الاتفاقية، ويرى أن التأخير في التعاطي مع تلك القضايا يمكن أن يفسر ضدها ويضع الثقة فيما بين الأطراف وفي الاتفاق ذاته ، وأضاف «هذه القضايا قضايا واضحة لا تحتاج لورش أو مؤتمرات بقدر مناقشتها في جلسات مفتوحة مع أصحاب الاختصاص والجهات المعنية». بدوره يشير المحلل السياسي أحمد خليل لـ«البيان» إلى أهمية الاستفاضة في مناقشة تلك القضايا باعتبارها كل القطاعات في السودان، ولفت إلى دور النقاش الذي بدأه تجمع المهنيين السودانيين حول قضايا الاتفاق النهائي، وأكد أن إقامة تلك الورش من شأنها أن تقود إلى رؤية موحدة حول القضايا محل النقاش، من خلال ما يتم طرحه من توصيات من قبل المختصين وأصحاب المصلحة.
ويؤكد تحالف قوى الحرية والتغيير أن استمرار مشاوراته مع كل أطراف الاتفاق الإطاري من أجل التحضير لنقاش واسع حول قضايا (العدالة والعدالة الانتقالية وتقييم اتفاق السلام والإصلاح الأمني والعسكري، وتفكيك التمكين، وملف شرق السودان)، ورفع ما تسفر عنه تلك النقاشات من توصيات وصياغتها في الاتفاق النهائي وتضمينها في الدستور الانتقالي، قبيل التوقيع عليه بشكله النهائي في غضون الأسابيع المقبلة.