الحل في الابتعاد عن (تجريب المجرب) والاستفادة من تجارب الدول حولنا
(عام 2022م) شهد تدهورا في معاش الناس والاقتصاد
فقد السودان (1,5) مليار دولار من المساعدات الخارجية وتعطل برنامج إعفاء الديون
الخرطوم : سنهوري عيسى
أكدت وفاق صلاح مبروك سيدة الأعمال والأمين العام السابق للغرف التجارية، أن العام (2022م) شهد تدهورا في معاش الناس والاقتصاد السوداني، وزادت معاناة المواطنين المعيشية ودخلت البلاد في أزمات مالية عديدة، وجاءت مختلف المؤشرات الاقتصادية سلبية.
واضافت وفاق: شهد السودان ارتفاعا في معدلات والفقر والبطالة وتواصل ارتفاع أسعار السلع والخدمات مع انخفاض قيمة الجنيه والمرتبات مقارنة بالاسعار.
ورهنت وفاق صلاح، التفاؤل بالعام الجديد بتشكيل حكومة وحدوث استقرار سياسي بالبلاد والاستفادة من مبادرة إعفاء السودان من الديون الخارجية (الهيبك) ، وانسياب المساعدات الخارجية وتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
* ما تقييمك لأداء الاقتصاد السوداني في العام 2022م …؟
في العام (2022م ) حدث تدهور اقتصادي كبير في السودان وزيادة معاناة المواطنين المعيشية ودخلت البلاد في عدد من الأزمات المالية وقد جاءت مختلف المؤشرات الاقتصادية سلبية، كما أن تراجع الإيرادات بسبب تراجع الانتاج و التصدير والسياحة وكذلك الاستثمار الأجنبي وتحويلات العاملين في الخارج، ادي إلى ارتفاع عجز الموازنة مما اضطر الحكومة الي
اللجوء إلى الاستدانة من أجل تمويل عجز الموازنة، وقد أدى ذلك إلى ارتفاع المديونية الحكومية المحلي لتتجاوز حجم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وقد أدى تدهور إيرادات الدولة من النقد الأجنبي، مسبقا الي اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، من أجل تعويض ذلك النقص، ولضرورة توافر حد أدنى من السيولة الأجنبية، كآلية لتمويل احتياجات الاستيراد، وكذلك تمويل سياسات المصرف المركزي للدفاع عن قيمة الجنيه وقد أدى ذلك إلى ارتفاع الديون الخارجية ايضا.
وماذا عن المؤشرات الاقتصادية في العام 2022م …؟
شهد السودان ارتفاعا في معدلات البطالة والفقر وتواصل غلاء أسعار السلع والخدمات متزامنا مع انخفاض قيمة الرواتب مقارنة مع الأسعار، وسط تراجع القوة الشرائية للمواطن تحت تأثير رفع الدعم وزيادة الرسوم الحكومية الي جانب اقرار زيادات
ضريبية بنسبة 100% على أرباح الأعمال مسبقا تسبب في ارتفاع حاد في أسعار السلع وتقليص المنتجين لإنتاجهم وخروج عدد مقدر منهم عن دائرة التشغيل
، كما أثر تغيير أسعار الوقود أكثر من مرة خلال هذا العام، في زيادة أسعار خدمات (الكهرباء والصحة والتعليم والنقل)، كما أن معدلات التضخم في البلاد من أعلى المستويات عالمياً وقد كان لعدد من القرارات اثرها في ذلك.
وما التحديات وما الإيجابيات التي شهدها الاقتصاد خلال العام 2022م… برايك…؟
موازنة 2022 أعدت في ظل ظروف معقده جداً إذ لم تكن هناك حكومة تنفيذية، وعدم خضوع هذه الموازنة للدراسة العلمية ، بالرغم من أهمية اللجوء الي المعلومات التاريخية ودراسة تغير الأسعار (التضخم) وتغير سعر صرف العملات الأجنبية، ودراسة
الوضع السياسي والاجتماعي والمؤثرات الخارجية في الموازنة العامة، وذلك لتوقع الإيرادات وتحديد نسب احتمال الحصول عليها ومن ثم وضع نسب للصرف على بنود الموازنة ، ومما يبدو ان تتواصل نفس التبعات في موازنة 2023 لتشابه الظروف.
وماذا عن التحديات الأخري…؟
أن الاعتماد في الموازنة على الضرائب بنسبة (60 %) تقريبا يأثر علي الركود في الأسواق ما ينعكس ايضا سلباً على العملية الضريبية اذ يقع عبؤها على فئات المجتمع الذي هو اساسا مثقل في معيشته ، كما تراجع المانحين عن المضي قدما في التزاماتهم بإعفاء أو جدولة الديون الخارجية.
ما الايجابيات التى شهدها عام 2022م ….؟
الايجابيات المتوقع أن يكون لها الاثر الايجابي هو الاستقرار السياسي النسبي المتوقع و وجود حكومة تنفيذية بناءا علي الاتفاق الإطاري، وتبعات دورها محليا والتعامل معها دوليا والتعامل مع كل الملفات.
وما تأثيرات العزلة وايقاف المساعدات الدولية علي الاقتصاد السوداني….؟
لقد فقد السودان ( 1.5 ) مليار دولار من المساعدات الخارجية، منها 700 مليون دولار من أميركا و150 مليونا من صندوق النقد الدولي و500 مليون من وكالة التنمية الدولية و100 مليون من الاتحاد الأوروبي، بجانب خسارته حوالي 4 مليارات دولار من
الإعانات التى وعد بها المانحون لتحسين الوضع الاقتصادي وتنفيذ المشاريع التنموية والتى تم تجميدها وتعليق صندوق النقد والبنك الدوليين تعاملهم مع الحكومة السودانية، كما فقدت البلاد الدعم الخارجي والمساعدات المتعلقة بانشاء المشاريع
وتقديم القروض والمنح. ، وتسبب في عقبات وتحديات في تنفيذ ميزانية العام 2022م ومن ضمنها دعم بنود التنمية واستحقاقات سلام جوبا، والمشاريع التنموية في مناطق النزاعات ، كما تم تعليق برنامج البنك الدولي لدعم الأسر السودانية (ثمرات) بواقع (5) دولارات شهرياً لكل أسرة، لمجابهة آثار الإصلاحات الاقتصادية التي طبقتها الحكومة الانتقالية لتقديرات
البنك بعجز 30% من السودانيين عن شراء احتياجاتهم المعيشية الأساسية، وقد استفاد من البرنامج قبل تعليقه 1.3 مليون أسرة، كما تم تجميد الدعم النقدي المباشر الذي استهدف 32 مليون أسرة من إجمالي 40 مليون أسرة أثرت سلبا على الأوضاع المعيشية للمواطنين كما اثرت ايضا علي حركة الاسواق والخدمات.
وماذا عن تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة…؟
حدث انخفاض في الاستثمارات الأجنبية بالبلاد، وتراجع الإنتاج وغيره من مصادر الدخل، فيما يمثل عجز الموازنة والمديونية والعجز في الحساب الجاري وانخفاض احتياطيات العملات الأجنبية، أبرز التحديات التي يواجهها الاقتصاد السوداني في ( هذا الوقت).
ما المطلوب في الموازنة الجديدة للعام 2023م …؟
اعتقد في وجود الاستقرار السياسي المتوقع ، ووجود حكومة تنفيذية تحت مراقبة ومحاسبة يتوجب وضع مسار اقتصادي بالطريقة العلمية والعملية المعروفة بوضع رؤية شاملة للإصلاح الاقتصادي في البلاد، لتعالج عيوبه الهيكلية، ويأكد علي التنوع، وتعزيز قدراته على تعظيم مصادر الدخل، على المستوى الكلي للمالية العامة للدولة، وعلى المستوى الفردي
للسودانيين أنفسهم، بجانب البحث عن تمويل من خلال القروض أو الاقتراض من المؤسسات الدولية. لتفادي وقف كثير من المشروعات وبالتالي زيادة فرص العمل، لأن من شأن الاقتراض أن يسهم في القيام بمشروعات تنمية و يوفر مزيداً من الإيرادات التي تسهم في سداد القروض ولك ايضا في ظل تقليل المصروفات، كما لابد من الاستفادة من (مبادرة الدول
المثقلة بالديون) ، التي يتبناها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومجموعة العشرين، والتي أُقِرت في الأساس في عام 2020، بهدف معالجة ديون الدول الفقيرة، لتمكينها من مواجهة الظروف الاقتصادية السلبية الناتجة عن جائحة كورونا، وهذا
سيمكن الحكومة من إعادة توجيه بعض الموارد المالية، ولاسيما من النقد الأجنبي لمعالجة الأزمات الملحة، و القيمة المتدنية للجنيه، وكذلك توفير أرصدة مالية مقبولة للاقتصاد تساعده على تأمين احتياجات الاستيراد، وتمويل الأنشطة الرئيسية
ويساعد على زيادة الثقة الدولية في الجدارة الائتمانية السيادية للبلاد، كما لابد من النظر جديا في دعم الموازنة بطرق غير المعتادة والخروج عن المألوف وهناك امثلة كثيرة يمكن نقلها من دول نجحت في ذلك ( السعيد بشوف اخوه), والابتعاد عن ( المجرب الذي لم يسمن ولم يغني من جوع) .