كتابات
ياسر سليم
يشكل أطفال اليوم أكثر من نصف سكان السودان، فكم خصصنا للإيفاء بحقوقهم؟ قبل ذلك، يجب النظر للأمر على أنه ليس إحسان لهم، بل هي التزامات وحقوق كفلتها لهم المواثيق الدولية والإقليمية وقوانيننا الوطنية، وتتطلب أن ترصد الميزانيات الكافية لإنفاذ هذه الحقوق على أرض الواقع، يتطلب الأمر إنفاذ هذه العهود وكما يقول تعالى: (وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) سورة الإسراء (34) صدق الله العظيم
يجب على الجميع مناصرة أن تكون موازنة 2023 صديقة للأطفال وإيلاء الأولوية للأطفال في مخصصات موازنة الدولة. علينا ترك النظرة الأنانية والتفكير في الذات وإعطاء الأولوية لقضايا الطفولة فهم الحاضر والمستقبل، لقد بدأ العالم يتجه إلى تطبيق مفهوم الموازنات الصديقة للأطفال (Child Friendly Budget) وضمان أن تعكس الموازنة الوطنية اهتماماً بالسياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تجعل من مصلحة الطفل الفضلى نقطة مركزية تدور حولها، وتوفر الموارد الكافية لإنفاذ تلك السياسات والتي تعود بالنفع الأكبر على الأطفال مثل السياسات التي تدعم الاستثمار في التعليم المجانى الإلزامى الجيد، والرعاية الصحية والحد من وفيات الأطفال والأمهات وسوء التغذية.. الخ، كما تشمل أيضاً السياسات التي تحمي الأطفال من التشرد وعمالة الأطفال ومن جميع الانتهاكات وتعمل على إنفاذ الحقوق والإيفاء بها لكل الأطفال دون تمييز، ترتبط فعالية قياس الموازنة الصديقة للأطفال بتقييم النتائج والتي يجب أن تعكس تغييراً إيجابياً فى حياة الأطفال. إن الموازنة العامة للدولة ليست مجرد بيان يتضمن الإيرادات العامة، والنفقات العامة، وإنما هي وثيقة ذات الصلة بالاقتصاد القومي، والأداة الرئيسية، التي يمكن من طريقها تحقيق أهداف الدولة. نلاحظ أنه في الملاحظات الأخيرة اللجنة الدولية لحقوق الطفل حول السودان، أوصت أن يقوم السودان بوضع الأولويات لتخصيص الموارد لأقصى حد لصالح حقوق الطفل وخاصة التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية ولحماية الأطفال. من ضمن ما جاء في ملاحظات اللجنة، أنه لم يتم تطبيق القوانين إلى تدعم حقوق الطفل لعدم تخصيص الميزانيات اللازمة لها وأنها لاحظت بكل تقدير أن قانون الطفل 2010 ينص على مجانية وإلزامية التعليم الأساسي، الا أنها تنظر بقلق، حيث أن التعليم الأساسي ليس مجانياً في الواقع، وأن الرسوم التي تفرض تزيد من معدل التسرب. بالنسبة للتعليم، قيل في أهميته: إذا كنت تظن أن التعليم مكلف، جرب تكلفة الجهل.
ختاماً: إن بذل الموارد من أجل بقاء ونماء وصحة وتعليم وحماية الأطفال يصح أن يسمى استثماراً لأن العديد من الدراسات أوضحت أن التكاليف المنخفضة المبذولة خلال فترة الطفولة يمكن أن تسفر عن مكاسب هائلة تمتد بامتداد الحياة. بجانب أن لزيادة الإنفاق على الأطفال أثره في خلق مجتمع متماسك متوحد تتلاشى فيه الفوارق الطبقية.
وكل عام وأطفالنا يخير.. والله الموفق