حوار: هالة حافظ
رهن الخبير الاقتصادي د. محمد الناير حل مشكلة الازمة الاقتصادية في السودان بتحقيق توافق سياسي، ودعا الناير إلى ضرورة أن ترفع الدولة يدها عن المواطن لجهة انها ضغطت عليه ضغطاً شديداً وهي تنفذ سياسات صندوق النقد الدولي دون أن تكون لها قروض او ومنح لمعالجة الآثار السالبة لهذه السياسات، جازماً بأن السودان تجاوز تنفيذ ٩٥٪ من السياسات المفروضة على البلاد من قِبل الصندوق دون مقابل، اي دون قروض او منح كان من الممكن أن تخفف العبء على المواطن.. (الانتباهة) جلست مع الخبير الاقتصادي د. محمد الناير لمناقشة العديد من المحاور الاقتصادية وخرجت بالحصيلة التالية:
* كيف تنظر للاوضاع الاقتصادية الحالية؟
ــ الأزمة الاقتصادية السودانية مرتبطة بشكل كبير بالازمة السياسية، اي عدم التوصل إلى وفاق سياسي حتى هذه اللحظة بعد أربع سنوات من الفترة الانتقالية ولم نستطيع أن نضع أنفسنا في المسار الصحيح، بمعنى انه منذ بداية الفترة الانتقالية كان يجب أن يتم تشكيل حكومة كفاءات مستقلة تُدير الفترة الانتقالية وتهتم بالاقتصاد السوداني ومعاش الناس، ومن ثم تُهيئ المناخ لانتخابات حرة، وهذا ما لم يحدث، والأزمة السياسية الحالية وعدم التوافق السياسي وحالة التشظي السياسي هي سبب الأزمة الاقتصادية، لجهة انه لا يمكن أن يتحقق الاستقرار الاقتصادي الا اذا تحقق الوفاق والاستقرار السياسي وكذلك الاستقرار الامني، وهذه هي المشكلة الحقيقية، لان السودان لديه موارد طبيعية ويمكن اذا توافق السياسيون في السودان وتم التوافق على حكومة كفاءات مستقلة تدير متبقي المرحلة الانتقالية، أن يتحقق الاستقرار الاقتصادي بكل سهولة ويُسر.
* ما هو رأيك في تأخر اجازة الموازنة والعام الجديد قد بدأ؟
ــ خلل كبير ان تتأخر اجازة الموازنة لعام ٢٠٢٣م، ولأول مرة في تاريخ السودان أن تتأخر الموازنة ٢٠٢٣م في اجازتها، والتي بدلاً من ان تُجاز في ديسمبر ٢٠٢١م كما كان العُرف سائداً منذ الاستقلال قد اجيزت في يناير من نفس العام ٢٠٢٢م، ويبدو أن موازنة عام ٢٠٢٣م تمضي في نفس الطريق، لجهة اننا سمعنا في وسائل الإعلام انها وضعت على منضدة مجلس الوزراء، فكم ستستغرق في المجلس وما هي السلطة التشريعية التي ستجيزها؟ مما يعني أن الاجازة ستكون في شهر يناير لثاني مرة في السودان منذ الاستقلال، وهذا خلل باعتبار أن الموازنة تُشكل أهمية للمستثمرين والقطاع الخاص السوداني والمواطن السوداني والعاملين في الدولة ولكل الفئات، باعتبار أن أي مواطن يرى نفسه في الموازنة، وهل هنالك ايجابيات او سلبيات او عبء ضريبي او زيادة في الرواتب وغيرها من الأشياء.
* ما هي توقعاتك للعام الجديد في ظل استمرار تأزم الأوضاع؟
ــ حال لم يتوافق السياسيون في السودان ولم يعلُ صوت الحكمة والعقل ولم يتم اعلاء مصلحة السودان العليا على المصالح الذاتية والمصالح الحزبية والقبيلة، لن يتقدم السودان للأمام ولن يتحقق الاستقرار الاقتصادي، لذلك الأزمة السودانية مرتبطة بالسياسيين، ويجب أن يبعدوا عن المشهد وان يستعدوا للانتخابات سواء بعد عام او عام ونصف العام او عامين حسب ما يتم التوافق عليه، وان يتركوا الأمر لحكومة كفاءات مستقلة تدير الفترة القادمة، وبذلك نكون قد وضعنا السودان في المسار الصحيح، ومن ثم تجرى انتخابات في الفترة الانتقالية ويأتي من يحكم عبر صندوق الاقتراع.
* ما هو المطلوب من الحكومة لتنفيذ سياسات مالية واقتصادية؟
ــ بالتأكيد الحكومة لا بد أن ترفع يدها عن المواطن، لجهة انها في عام ٢٠٢٢م ضغطت على المواطن ضغطاً شديداً وهي تنفذ سياسات صندوق النقد الدولي دون رأفة، ولا توجد دولة في العالم تنفذ سياسات صندوق النقد دون أن تكون لديها قروض ومنح لمعالجة الآثار السالبة لهذه السياسات، ولكن نحن الآن تجاوزنا ٩٥٪ من السياسات المفروضة على البلاد من قبل صندوق النقد الدولي دون مقابل، اي دون قروض ومنح كان من الممكن أن تخفف العبء على المواطن، ويجب أن تخفف الدولة العبء على المواطن وان تهتم بتحسين الأجور والمرتبات للعاملين في القطاع العام، وان تعمل على استقرار اسعار السلع والخدمات بصورة كبيرة، وان تُجود الخدمات للمواطنين، وتعمل على زيادة موارد الدولة دون المساس بحياة المواطن.
* ما رأيك في ما يحدث الآن من انهيار في القطاع التجاري؟
ــ الاقتصاد السوداني يعاني من حالة كساد وركود تضخمي غير مسبوقة، والدولة لا تعي خطورة هذا الأمر، لجهة أن معظم إيرادات الدولة الضريبية التي تشكل ٦٠٪ من الإيرادات العامة للدولة تأتي من النشاط التجاري، وفي حالة تعسر النشاط التجاري كما نشاهد الآن ستكون هناك انعكاسات سالبة كثيرة.
* هل من بُشريات لتحسين الأوضاع الاقتصادية الراهنة؟
ــ لن أستطيع أن أطمئن الشعب السوداني بتحسن الأوضاع الاقتصادية ما لم يتوافق السياسيون على الخروج من المشهد تماماً وتكوين حكومة كفاءات مستقلة تُدير متبقي المرحلة الانتقالية، وبعدها يمكن أن نطلق بشريات بأن حكومة الكفاءات ستعمل عملاً مميزاً باستقرار الاقتصاد السوداني، وبالتالي يمكن أن يضيف هذا إضافة حقيقية.
* بماذا تُعلق على اعتراف الحكومة بزيادة معدلات الفقر والبطالة؟
ــ الحكومة تحتاج الى ان يكون هناك جهد كبير لتخفيض معدلات الفقر والبطالة والتضخم واستقرار سعر الصرف، وهذا يحتاج إلى جهود كبيرة، لكن الدولة للأسف الشديد تختار الحلول السهلة وتلجأ لزيادة الضرائب والرسوم وإضافة الاعباء على المواطن وأسعار السلع والخدمات، وهذه الأمور تشكل عبئاً كبيراً على المواطن، ويفترض أن تدرس الدولة الاقتصاد وهو علم البدائل، لذلك يجب تدرس الدولة كل البدائل الممكنة، وان تنظر في أفضل الخيارات والبدائل التي تحقق المصلحة للجميع.