:: التحاق حزب المؤتمر الشعبي بركب الاتفاق الإطاري كان مُدهشاً، باعتباره كان أكثر الأحزاب هجوماً على المجلس المركزي لقوى الحرية، ولم يكن متوقعاً أن يتحول الشعبي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار – بين ليلة وضحاها – بدون أسباب منطقية، خاصة أن الاتفق الإطاري لم يشمل الجميع، وأن دستوره لم يُعد بشفافية عقب حوار ونقاش، ولا بالعقول سودانية.. وبينما الناس في حيرة من أمر الشعبي، عقد حاكم دارفور مناوي مؤتمر صحفياً، قال فيه بالنص: (كمال عمر قال لي وقعّنا على الإطاري عشان نغتسل من فلول)..!!
:: وصدقاً، لقد نجح كمال في تطهير الشعبي من دنس الفلول.. وكما تتابعون في تصريحاتهم وتدويناتهم، فالفلول في قاموس النشطاء والقطيع ليسو صُناع وأنصار النظام السابق، بل هم من لم يوقعّوا على الاتفاق الإطاري ولم يعترفوا به، أو (لم يغتسلوا به)، كما يقول كمال.. وبتحديد كمال هدف الإطاري، فإن الفلول هم تحالف التغيير الجذري، الكتلة الديمقرطية، نداء السودان، لجان المقاومة، البرنامج الوطني، وكيانات الشرق، و.. و.. كل الشعب فلول، ما عدا أحزاب فولكر الثلاثة، ثم الشعبي وأنصار السنة، باعتبارهما اغتسلا بالإطاري..!!
:: ولكن الحقيقة التي تتجاهلها أحزاب فولكر الثلاثة، ليس فقط الشعبي وأنصار السنة هما من اغتسلا – بالإطاري – من دنس الفلول، بل العساكر أيضاً اغتسلوا وتطهروا – بالإطاري أيضاً – من دنس المسمى سابقاً بانقلاب (25 أكتوبر).. وكما تتابعون، فالبرهان لم يعد يُلقب بالانقلابي في منابر النشطاء ومجالس السفراء، ثم فجأة حل مصطلح المكون العسكري في بيانتهم محل الانقلابيين.. ثم أن البرهان لم يعد من أطراف الصراع، بل أصبح وسيطاً للصلح بين المكون المركزي والكتلة الديمقرطية، ويجتمع بهما (سرياً)..!!
:: وبالمناسبة، كان آخر اجتماع للبرهان، وهو يؤدي دور فولكر بجدارة، أي يجمع بين المجلس المركزي والكتلة الديمقرطية، يوم 25 يناير الماضي.. وكان الاجتماع ساخناً، بحيث تلاسنوا فيه وتنابذوا، وكان سرياً كالإعلان السياسي الذي كان ولا يزال (سرياً)، وكذلك التعديلات الأخيرة في الدستور المترجم، ثم مغسلة الفلول والعساكر المسماة بالاتفاق الإطاري، و..و .. يمكن وصف النشطاء بأعداء النهار وأصدقاء الظلام، بحيث صار طابع كل نشاط صادر عنهم أو كل فعل هم طرف فيه (سري للغاية)..!!
:: وعلى كل، في الساحة مبادرة مصرية لتوسيع وتوحيد قاعدة المشاركة، حسب مصادر (الحدث)، وكذلك في الساحة خبر اتفاق المجلس المركزي والكتلة الديمقرطية على إعلان سياسي جديد يتكئ على كل الرؤى المطروحة لحل الأزمة، حسب مصادر (الجزيرة).. ومن حيث المحتوى فإن خبر الحدث لا يختلف عن خبر الجزيرة، ثم الربط ما بين المبادرة المصرية لتوسيع الحاضنة السياسة والاتفاق على إعلان سياسي جديد، ليس بحاجة إلى كثير ذكاء.. ومع الترحيب بكل مبادرة تحقق أكبر قدر من الإجماع، فعلى العساكر والشعبي وأنصار السنة أن يشكروا أحزاب فولكر على فرصة (الاغتسال)..!!