ما زالت تعاني المناطق الحدودية بين الخرطوم وجوبا إثر مشاهد الاضطرابات الأمنية من فترة لأخرى، الأمر الذي يؤثر سلباً على العلاقات الاقتصادية والتجارية هنا وهناك، وبعض المحللين الاقتصاديين تشير توقعاتهم إلى اتجاه رفع عائدات التبادل التجاري السنوي بين البلدين إلى 2 مليار دولار سنوياً عقب فتح المعابر، ويأتي ذلك وفقاً لشروط التي من بينها تقديم تنازلات كافية للتجار بين الطرفين لضمان كسب أواصر التعاون بين البلدين.
اتفاقية تعاون
وكان في نهاية العام المنصرم وقعت في جوبا عاصمة جنوب السودان اتفاقية تعاون مشتركة بين هيئة الجمارك السودانية ومفوضية جمارك جنوب السودان بشأن المعابر الحدودية بين البلدين تقضي بفتح المعبر البري بمنطقة جودة والميناء النهري بمدينة كوستي لتسهيل التبادل التجاري وحركة البضائع والسلع بين الدولتين، وفى هذا الصدد اتفق الطرفان على التعاون في مجال التدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية بجمارك دولة جنوب السودان وتقديم فرص التدريب والمنح الدراسية بأكاديمية العلوم الجمركية بالخرطوم، وحضر حفل التوقيع الفريق شرطة بشير الطاهر مدير عام الجمارك السودانية والفريق شرطة توماس جاك نائب المفتش العام لشرطة جنوب السودان، بجانب سيادة اللواء قطون ريال مجاك مفوض الجمارك بدولة جنوب السودان وممثلو السفارة السودانية بجوبا.
التجارة الحدودية
يقول المحلل الاقتصادي الدكتور الفاتح عثمان محجوب إن التجارة بين البلدين ظلت مشوهة منذ أن نالت دولة جنوب السودان استقلالها في العام 2011، وعزا ذالك لعدم تفهم المسؤولين في السودان طبيعة العمل التجاري في دولة الجنوب التي لا تخضع للضوابط المعروفة التي تنظم تجارة الصادر والوارد، ويرى أن مفهوم تعامل دولة جنوب السودان مع دول الجوار وفق مفهوم تجارة الحدود التي تخضع لضوابط قليلة جداً، بيد أنه قال إن معظم عمليات التجارة تجري بعملات الدول المجاورة، وتابع عبر حديثه لـ(اليوم التالي): تقع الأعباء على المصدرين من خلال تغيير أموالهم بالعملات التي يرغبون عن طريقها تقييم السلع من دولة جنوب السودان، وحث الحكومة في الخرطوم على تشجيع التجارة مع دولة جنوب السودان وفقاً لمفهوم التجارة الحدودية، داعياً إلى جعل مهمة الاستيراد والقيمة السلعية على عاتق الموردين السودانيين، ونوه إلى أنه جراء اتباع أساليب الصادر والوارد الرسمية فلن تفلح عملية فتح المعابر الحدودية.
تحديد معابر
ويرى المحلل الاقتصادي الدكتور محمد الناير أن فتح المعابر قضية تأخرت كثيراً، وأنه منذ انفصال دولة جنوب السودان في عام 2011 كان يجب ألا تكون هناك أي إشكالات في تصدير النفط، مشيراً إلى أنه كانت هناك عوائق إدارية عدة، فضلاً عن المشاكل الأمنية، ما جعل دولة جنوب السودان تبحث عن قنوات تصدير أخرى، وتابع قائلاً: من الأجدى للدولتين تحديد معابر رئيسية حتى تقوم الجهات المعنية بإنشاء مكاتبها وسلطات الجمارك والمواصفات والسعي لفتح بنوك فيها من قبل الطرفين لتسهيل الإجراءات، وتابع د. محمد عبر حديثه لـ(اليوم التالي): إن ما يزيد من المنفعة الاقتصادية للبلدين أن دولة الجنوب تعتمد في أكثر من 60 سلعة سودانية، وأوضح أن نسبة كبيرة ينتج محلياً، مشيراً إلى أن عدد المعابر الحدودية مع دولة جنوب السودان تقدر بـ9 معابر، بيد أنها لم تفعل بالصورة المطلوبة، وذلك لعدم وجود ضوابط وقوانين تحكم التجارة بين البلدين بجانب عدم استقرار الولايات الحدودية في الفترة الماضية.
الخرطوم: علي وقيع الله