ترجمة: سحر أحمد
تناول تقرير حديث صدر عن “مركز القدس للشؤون العامة في إسرائيل”، وهو مركز بحثي إسرائيلي، عرف في وسائل الإعلام العربية بأنه مطبخ السياسات لدولة الاحتلال، تناول آفاق التطبيع بين السودان وإسرائيل، والفوائد التي تعود على الجانبين.
فوائد متوقعة:
حيث أشار جاك نيريا، كاتب التقرير، وهو محلل خاص للشرق الأوسط في مركز القدس، وجنرال سابق بالاستخبارات الإسرائيلية، وكان مستشارًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين، أشار إلى أنه خلال الأيام الأخيرة من رئاسة دونالد ترامب، نجحت الإدارة الأمريكية في إقناع السودان بالانضمام إلى اتفاقات إبراهام. إلا أنه للأسف، بسبب تغيير الإدارة الأمريكية والتطورات الداخلية في كل من إسرائيل والسودان، تم تجميد التطبيع بين الخرطوم وتل أبيب حيث ينتظر دفعة أخيرة من الجانبين.
وتساءل الجنرال الإسرائيلي بشأن فوائد التطبيع للسودان وإسرائيل؟ لافتًا إلى أن السودان مدرك لعلاقات إسرائيل الخاصة مع إثيوبيا وإرتريا وجنوب السودان، وهي ثلاث دول لها مصالح مشتركة مع إسرائيل فيما يتعلق بالسياسة الإقليمية بشكل عام والبحر الأحمر بشكل خاص. السودان، الذي يقع جغرافيًا بين مصر وإثيوبيا، يجد نفسه في وسط جدل “سد النهضة” ويمكن أن يجد في إسرائيل عامل استقرار مع جيرانه. علاوة على ذلك، يمكن أن تشكل علاقة إسرائيل الخاصة بالإدارة الأمريكية ولوبيها الهائل في واشنطن مساعدة كبيرة للخرطوم عند الاتصال بواشنطن للحصول على مساعدات مالية وعسكرية.
التحديات الأمنية:
ويقول الكاتب إن السودان يواجه العديد من التحديات الأمنية، أقلها يأتي من حركات التمرد الراديكالية، المحلية والأجنبية. يمكن لإسرائيل مساعدة السودان في تطوير قدراته الدفاعية، فضلًا عن تقديم معلومات استخباراتية عن الحركات الجهادية التي تعمل على تقويض استقرار السودان. كذلك يمكن للسودان استخدام علاقات إسرائيل الخاصة مع جنوب السودان للتوسط في القضايا العالقة ذات الاهتمام الوطني والإقليمي للخرطوم.
سوق محتملة:
ويشير الخبير الإسرائيلي إلى أن اقتصاد السودان زراعي إلى حد كبير، حيث تعمل أكثر من 80٪ من القوى العاملة فيه. بناءً على طلب السودان، يمكن لإسرائيل توفير تقنيات متقدمة من شأنها زيادة الإنتاج بشكل كبير، وتوفير الأمن الغذائي لسكان البلاد، علاوة على ذلك، تعتبر إسرائيل سوقًا محتملًا للمنتجات السودانية. في الماضي، كانت إسرائيل تستورد اللحوم من مزارع في إرتريا ويمكن تكرار ذلك في السودان، ويمكن اعتباره بديلًا جيدًا لأمريكا الجنوبية. أخيرًا، يمكن لإسرائيل أن تقود الجهود التي تشتد الحاجة إليها لتحلية المياه.
وجهة سياحية:
وينبه الكاتب إلى أنه بفضل موارده الطبيعية الضخمة، يمكن للسودان أن يجتذب آلاف السياح الإسرائيليين، مما يعود بالفائدة على تحسين صورة السودان في الخارج وخلق مصدر دخل مهم آخر. علاوة على ذلك، يجب على المرء أن يتذكر أنه في الماضي غير البعيد، كان السودان ملاذًا لمجتمع يهودي مزدهر، يعمل بشكل أساسي بتصدير المنتجات الزراعية السودانية إلى الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا.
أهداف استراتيجية:
يشير نيريا إلى أن البحر الأحمر هو منطقة اهتمام لكل من السودان وإسرائيل. في عام 2019، منح السودان لتركيا امتياز تشغيل ميناء بحري في جزيرة سواكن، والتي كانت في السابق مقرًا للأسطول البحري للامبراطورية العثمانية. يمكن استخدام سواكن كموقع للمراقبة البحرية في البحر الأحمر، خاصة أنشطة الحرس الثوري الإيراني. يمكن أن تصبح بورتسودان مركزًا لترسانة بحرية لمنطقة البحر الأحمر بأكملها، وهي منشآت غير موجودة في الوقت الحالي، علاوة على ذلك، يشتهر البحر الأحمر بكثرة الحياة البحرية فيه. يمكن أن يؤدي إنشاء سوق لهذه المنتجات إلى تعزيز الصادرات المربحة إلى أوروبا وآسيا.
أخيرًا، يعتبر السودان الحلقة المفقودة التي تكمل التحالف الجنوبي ضد إيران. من خلال الانضمام إلى المنتدى الجنوبي، يمكن أن يحد السودان من تحركات إيران في البحر الأحمر ويخلق منطقة عازلة تعرقل جهود طهران لاختراق المنطقة. من جيبوتي إلى السويس وإيلات ومن باب المندب إلى إيلات والعقبة، ويمكن منع الحرس الثوري الإيراني من زعزعة استقرار المنطقة.
مكاسب إسرائيلية:
من وجهة النظر الإسرائيلية، فإن تطبيع العلاقات مع السودان يعني تحييد إمكانية الاضطرار إلى القتال ضد قوات التدخل السريع السودانية في حرب شاملة ضد إسرائيل. يجب أن نتذكر أن السودان شارك في الحرب العربية الإسرائيلية الأخيرة في أكتوبر 1973 بإرسال لواء المشاة العاشر إلى منطقة السويس، في مواجهة القوات الإسرائيلية غرب قناة السويس.
كان السودان أيضًا بمثابة ممر لآلاف اليهود الإثيوبيين في طريقهم إلى إسرائيل. تم التوصل في ذلك الوقت إلى ترتيب خاص بين رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون والرئيس جعفر النميري يسمح لليهود الإثيوبيين بالسفر من الخرطوم إلى إسرائيل.
وبحسب الجنرال الإسرائيلي فإن السودان يلعب دورًا مهمًا على الصعيد الإقليمي، وفي المقام الأول على الساحة البحرية للبحر الأحمر. ليس من قبيل المصادفة أنه في ظل نظام الرئيس السوداني عمر البشير، تم استخدام السودان من قبل إيران وحماس واشراكه في صراع طهران ضد إسرائيل. نُسبت إلى إسرائيل عدة هجمات على منشآت عسكرية وقوافل عسكرية يُفترض أنها نُظمت لتزويد حماس بأسلحة متطورة من إيران. مشيرًا إلى أن سقوط نظام البشير، إلى جانب سعي السودان نحو ديمقراطية نشطة، ساهم في تخفيف النفوذ الإيراني المعادي. مع تحول النظام السوداني، أصبح البحر الأحمر، باستثناء الشواطئ اليمنية، أكثر أمانًا، وزاد من قدرة إسرائيل على مراقبة الأنشطة الخبيثة من إيران والوكلاء الإيرانيين في المنطقة.
ويرى الجنرال أن الانضمام إلى نادي اتفاقات أبراهام سيمكن السودان من التمتع بإمكانات أكبر في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وسيساهم في مزيد من الاستقرار في المنطقة. سيؤدي إلى الضغط على السلطة الفلسطينية لقبول تسوية حقيقية مع إسرائيل.
مشيرًا إلى أن التطبيع مع السودان سيشجع بقية العالم العربي وبعض الدول المجاورة – على وجه التحديد، جيبوتي وعمان والمملكة العربية السعودية والصومال – على إضفاء الطابع الرسمي على علاقاتها مع إسرائيل، وبالتالي خلق درع هائل ضد الاختراق الإيراني لهذا الجزء من الكرة الأرضية.