بين فترة وأخرى أصبحت تتحرك أسعار الدواء في الصيدليات، وبالنسبة لهذه المرة والتي تبدو الزيادات غير المعلنة في سعر الدواء بدأت مع مطلع العام الجديد 2023، وبالتالي تعتبر بحسب حديث صيادلة غير موفقة في ظل أوضاع متأزمة لم يراعى فيها لأحوال المواطنين بشكل عام، وبما أن اقتناء الدواء بأسعار مناسبة بات هماً كبيراً وهاجساً مؤرقاً بالنسبة لأصحاب الأمراض المزمنة، خاصة بالنظر إلى واقع الحال من خلال ضعف الدخل لدى السواد الأعظم.
ويرى بعض الصيادلة أن تقليص وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي الإنفاق على القطاع الصحي خلال العام الجاري ينذر ذلك بحدوث كارثة ستهز قطاع الدواء المستورد والمحلي مما يشكل خطراً على مستقبل الدواء في السودان، وورد في حديث بعض الاقتصاديين أنه من الواضح هذا (سيستم) تحرير سعر دولار الدواء وهو معروف أنه خط أحمر وبالتالي سيضاعف أسعار الدواء التي ظهرت في العلن منذ يونيو الماضي 2022.
في وقت كشفت فيه متابعات لـ(اليوم التالي) عن قفزة غير معلنة في أسعار بعض الأدوية المنقذة للحياة، وذلك في بعض صيدليات العاصمة بجانب ندرة في البعض من الأصناف، وأرجع بعض الصيادلة ذلك إلى السياسات التي أطلقتها وزارة المالية نحو تقليص الإنفاق على القطاع الصحي بالبلاد، متوقعين حيال استمرار تلك السياسات في 2023 بأن تفضي إلى حدوث كارثة في قطاع الدواء بشكل عام.
وأقرّ صيدلي فضل عدم ذكر اسمه، بوجود زيادة في أسعار الدواء، وأكد ندرة في الدواء هذه الأيام، وأرجع ذلك للراهن السياسي والاقتصادي التي تمر به البلاد، ويرى في حديثه لـ(اليوم التالي) إن زيادة أسعار العملات الأجنبية مؤخراً قللت من استيراد الدواء وبالتالي فاقمت بصورة مباشرة على انعكاسات جديدة لأسعار الأدوية الموجودة منذ أواخر أشهر العام المنصرم، وأعاب في الوقت نفسه من تجاهل الدولة للقطاع الصحي بالبلاد باعتبار أنه من القطاعات الحيوية بالبلاد، ويبين أن أسعار أدوية السكري أدنها لا يقل عن 2 آلاف جنيه، وأدوية الضغط فيبلغ سعرها الأدنى 1500 جنيه، وقال بالنسبة لبخاخ الفينتال للأزمات بلغ أكثر من 2 آلاف جنيه، دواء الحساسية رينكورد قفز من 4 إلى 6 آلاف جنيه، ونوه إلى وجود ندرة في الأدوية المتعلقة بالأمراض الجلدية والنفسية، وأكد تراجع القوى الشرائية بسبب هذا الغلاء وهذا ما تعاني منه الصيدليات بشكل عام.
بينما يرى المحلل الاقتصادي محمد النيل، أنه من الواضح هذا هو سيستم تحرير سعر دولار الدواء في السابق، ويشير إلى أنه خط أحمر ولك حدث على أرض الواقع، بدوره قال: هناك زيادات كبيرة في أسعار الدواء خاصة منذ يونيو الماضي وبالتالي فإن تحرير سعر الصرف أثر بشكل كبير خاصة بالنسبة للدواء، وقطع بأن 80% من الشعب السوداني دخولهم محدودة، وأشار إلى أن الدواء في كثير من الدول في يتناوله المرضى بأقل الأثمان مقارنة بالسلع الأخرى، ويعتقد أن هذا الاتجاه نحو عدم الإعلان عن أسعار مرنة بعد تحرير دولار الدواء أمر غير مقبول، وطالب المحلل الاقتصادي في حديثه لـ(اليوم التالي) بأن يكون هناك سعر رسمي للدولة حتى نهاية العام مع التأكيد على أهمية تثبيته بجانب أن تضع الدولة للدواء اعتبار خاص، التي قال بإمكانها أن تعيد الـ10% من حصائل الصادر من الصادرات غير النفطية للدواء كما هو معمول به في الماضي، وحول دعم موازنة هذا العام 2023 للقطاع الصحي في البلاد قال محمد: هذا لم يتم العمل به إطلاقاً في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تشهدها البلاد، لكنه حث الحكومة بضرورة دعم الدواء بنسبة لا تقل عن 75%، وشدد على ضرورة الحد من استيراد السلع غير الضرورية لصالح الدواء، وتوقع أن يرتفع سعر الدولار إلى أكثر مما هو الآن، مشيراً إلى أن هذا يهدد الاقتصاد السوداني.