تكرر الحديث حول انعدام التنظيم في قطاع التعدين وغياب رد الفعل من قبل الدولة، لوهلة ظن البعض أن هناك نوعا من التفاعل وقامت الشركة السودانية للموارد المعدنية بالحديث عن وجود مشكلة لكن الأمر يبدو ظاهرياً فقط ولم يتم أي عمل على الأرض.
وتواردت التقارير والإفادات من نهر النيل تحديداً عن ارتفاع عدد المعدنين والعاملين بصورة غير قانونية في القطاع، حيث يتعاملون بلا مبالاة على أساس انه ليس هناك ما سيطالهم وأن المحاسبة لا تتم فعلاً.
والشهر الماضي أعلنت الشركة السودانية للموارد المعدنية عن إجراءات ضد التعدين العشوائي والخلاطات في جنوب كردفان ونهر النيل وذات الأمر قال به مسؤول المجلس الأعلى للبيئة بولاية نهر النيل بينما ظل هذا في خانة الحديث بدون فعل ولم يتم توقيف أي من من العاملين في التعدين العشوائي والكرتة وغيرها.
يرى مراقبون ومواطنون ان ماتم الإعلان عنه من الجهات الحكومية هو إفادات صورية ولا شيء على أرض الواقع وتساءلوا عن هل ستستمر السلطات بغض الطرف عن الخسائر الاقتصادية والضرر البيئي الذي يحدث؟ وتساءلوا عن إن كان من الممكن أن تتم المحاسبة الاقتصادية وتحجيم التعدين العشوائي، والضرر البيئي يبقى في مكانه مطالبين السلطات أن تتحرك بالفعل ولا يكون الأمر مجرد حبر على ورق وقرارات يسمع بها المواطن ولا يراها تطبق بالفعل.
وقال الخبير في مجال البيئة المعز عبد القادر إن التعدين العشوائي والتعامل مع الاستخلاص من الكرتة في ولاية نهر النيل يمثل كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معاني وأشار إلى التأثير السالب والكبير على البيئة في ولاية نهر النيل وتضرر مصادر المياه والتربة والحشائش، وقال إن هذه الأضرار تتحول إلى الإنسان وأدت إلى ظهور الأمراض الغريبة على المنطقة، واشار إلى أن المتسبب الرئيس فيها المواد الكيميائية مثل السيانيد والزئبق وغيرها من المواد الضارة التي تستخدم في الإستخلاص بصورة عشوائية ولا يتم التخلص منها بالطريقة العلمية التي من المفترض أن تتبع، وقال إن هذا الأمر سببه تجاهل السلطات والجهات المعنية وتمادي الأفراد والمؤسسات التي تعمل في التعدين العشوائي، مضيفاً أن مناطق العبيدية وود رملي وبربر وعطبرة وأبو حمد كلها تضررت وتتم فيها هذه الممارسات الضارة ولا احد يحرك ساكناً تجاه التعدين العشوائي لا من الولاية ولا المركز، وقال لا زالت الشاحنات تنقل الكرتة بصورة عشوائية وعلى الدولة أن تتبع القول بالعمل ولا تكتفي بالتصريحات.
ويشير الخبير الاقتصادي إبراهيم تاج السر إلى الأضرار الناتجة من التعدين ليس في مجال البيئة فقط بل تشمل الاقتصاد وتفقد خزينة الدولة الكثير من الأموال جراء التعدين العشوائي، وقال في الوقت الذي تشهد فيه الموازنة التي لم تجاز بعد عجزاً يبلغ اكثر من ربع الموازنة تلجأ المالية إلى فرض الرسوم على الشرائح الفقيرة والخدمات بينما هنالك قطط سمان من تجار الذهب العشوائي يحولون ملايين الدولارات إلى حساباتهم الخاصة من التعدين العشوائي والتهريب ولا أحد يعلم بهم، وقال تاج السر إن المشكلات في قطاع التعدين ناتجة عن عدم الرقابة الحكومية وعدم وجود الرد الرادع من الدولة الذي يفاقم الظاهرة ويعرض الاقتصاد للخسائر والبيئة للتدهور ودعا للمزيد من الحسم والرقابة اللصيقة، وقال هنالك للأسف تعدين عشوائي يتم بحماية من جهات عسكرية كان يجب أن تكون حريصة على مصالح الدولة وعلى صحة المواطن وعلى المعايير الصحيحة والعلمية بعيداً عن مصالح الأفراد والشلليات وأكد أن البلاد تفقد أهم مواردها في هذا التوقيت، وبدلاً من تعظيم الفائدة تتعاظم الأضرار.