:: يونيو 2022، عندما لوّح الناظر ترك بإغلاق الموانئ، في حال استمرار الحاكم العام الملقب بممثل الأمين العام للأمم المتحدة فولكر في تحركاته بالإقصائية، رفضت التلويح وناشدته بالكف عن هذا التعبير غير المشروع.. وقبل تلويح الناظر ترك، ومنذ أن كانوا يهتفون: (المجد للمتاريس)، كنت – وما زلت وسأظل – ضد التعبير عن الرأي بإغلاق الطرق، لأن هذا نوع من العنف غير المشروع..!!
:: فالحمد لله، مبدئيون في مواقف الحياة.. ولسنا نشطاء متناقضين، بحيث نهتف للمتاريس إن كانت (لنا) ونهتف ضدها إن كانت (علينا)، فالمتاريس هي المتاريس، وسيلة تعبير خاطئة.. ورغم عدلة قضيته، لقد أخطأ الناظر ترك بالأمس – كما أخطأ سابقاً – بإغلاق الشرق وعزله عن الأقاليم، وكذلك تخطئ الكتلة الديمقراطية لو اعتمدت إغلاق الأقاليم وسيلة تعبير عن قضيتها (العادلة جداً)..!!
:: نعم، من العدل رفض التدخل الأجنبي في الشأن الوطني لحد رفع معايير اختيار رئيس وزراء حكومة السودان للحاكم العام فولكر، أو كما قال عرمان بلا حياء.. ومن العدل رفض الاحتكام إلى العواطف الشخصية والمشاعر الخاصة في اختيار القوى والنخب المشاركة في العملية السياسية، بحيث (نحب السيسي ونكره موسى)، رغم أن كلاهما دعم تصحيح المسار وخاطب اعتصام القصر.. و ..!!
:: قضية الكتلة الديمقراطية (عادلة جداً)، وهي قضية المعايير المختلة التي ترسم خط سير أحزاب فولكر الثلاثة، المسماة مجازاً بالمجلس المركزي لقوى الحرية.. خط سير هذه الأحزاب في ميدان السياسة (ملولو)، بحيث تغني لمتاريسها وتهاجم متاريس الآخرين، وترفض المبادرة المصرية وتعتبرها تدخلاً أجنبياً وترضع ثدي الخليج وكأن الخليج فرع من نهر عطبرة.. هكذا مبادئهم، تفتقر للاستقامة ..!!
:: والمهم.. بغض النظر عن المواقف، فالمواكِب والمسيرات من التعابير مشروعة، بشرط عدم الانحراف نحو العنف.. ومن المؤسف، ليس متاريس ترك وحدها، بل هناك الكثير من المظاهر تتنافى مع قيم الديمقراطية ، ومنها ظاهرة إشعال النار في النفايات والإطارات وإغلاق الشوارع بها.. يجب التخلص من هذه الظاهرة بالتوعية والقانون، لأنها تسبب المتاعب والمخاطر لأبرياء لا ناقة لهم ولا جمل فيما يحدث..!!
:: كما لك حق التعبير، فلغيرك حق السير في طرق بلا متاريس، أو هذا ما يجب أن يتذكره ترك ونشطاء المرحلة.. وكما نطالب الشرطة بحماية المسيرات، نطالب أيضاً أن تكون المسيرات منظمة، وتحدد الشرطة مساراتها وتوقيتها، وهذا ما يسمى باحترام الحقوق.. وكنت قد ناشدت رئيس الوزراء السابق حمدوك، ووالي الخرطوم السابق أيمن نمر، بتنظيم المواكب بالقوانين، ولكن ظل الحال على ما هو عليه حال طرق الشرق اليوم..!!
:: بالدول الديمقراطية، للمواكب قوانين، أي هي ليست فوضى، بحيث يغلق من يشاء من الطرق ما يشاء.. نعم، لا يجب أن يبقى الشعب قابعاً كالأنعام في (حظيرة الوطن)، ولا يجب أن يكون دائماً في حالات السكون والجمود، ولكن كل هذا لا يعني التخلي عن (السلمية) في أفعالنا وأقوالنا.. فالمواكب المنظمة هي ملامح الدولة المدنية المُرتجاة، وعلى السلطات حمايتها، طالما هي لا تعتدي على الحق العام، طريقاً كان أو غيره..!!
:: ودعوتنا للناظر ترك وكل أهل الشرق، وكذلك للمك عجيب وأهل الجموعية، هي أن يتسابقوا بالتعابير عن قضياهم العادلة، ولكن دون تخريب أو تعطيل لحياة الآخرين بإغلاق الطرق والإقليم.. أما دعوتنا لنشطاء المرحلة هي التحلي بالقليل من المبدئية، كالوقوف على مسافة واحدة من الجيش والدعم السريع، ومن يراهم في خندق أحدهما لإصلاح الآخر، يظن بأن الخندق الذي هم فيه كان يحمي نلسون مانديلا وليس البشير ..!!