الطاهر ساتي
:: نوفمبر 2007، أجاز مجلس الوزراء السعودي قانون مكافحة التفحيط، بأن تُصادر السيارة (15 يوماً)، مع تغريم مالكها، وفي حال تكرار المخالفة تتم مصادرة السيارة، ثم تغريم صحابها بما يعادل قيمة السيارة، ثم تم تعديل القانون بحيث يشمل العقاب الغرامة والسجن والمصادرة، وتعريفهم للتفحيط هو قيادة السيارة بشكل خطر من أجل المتعة.. ورغم العقوبة الرادعة، تواجه السلطات هناك الكثير من المتاعب في مكافحة ظاهرة التفحيط.. وهي لم تعد ظاهرة في دول الخليج، بل زادت شعبيتها وهواتها، بحيث تكاد أن تصبح رياضة يمارسها الشباب في الفيافي وطرق المرور السريع في غفلة القانون..!!
:: ذات عام، قبل الثورة، تقصينا عن ظاهرة التفحيط في السودان، فوجدنا الكثير من المآسي.. كنت أحسب أن الأمر محض طيش شباب غير مسؤول، ولا يبالي بما قد يحدث لروحه أو لأرواح المارة والسيارة، حين ينطلق بسيارته بالسرعة القصوى ثم يرفع (فرملة اليد) وهي بتلك السرعة.. ولكن الأمر ليس بطيش شباب فحسب، بل تأكدت بأن هناك بعض النافذين في بعض الأندية والاتحادات هم من وقفوا وراء هذه الظاهرة التي تهدد سلامة البعض وتستفز مشاعر البعض الآخر، والتي عجزت عن مكافحتها حتى سلطات دول النفط..!!
:: والمؤسف، في رمضان العام 2013، نجح هؤلاء النافذون في إعداد وتنظيم عرض تفحيط في شارع النيل تحت سمع وبصر وإشراف شرطة المرور، وذلك لإقناع إدارة المرور بأن القيادة بطيش في شوارع المدينة أصبحت رياضة ويجب الاعتراف بها، وللأسف بعض الفتيات شاركن في عرض التفحيط، ليس بالتشجيع ولكن بالقيادة.. إدارة المرور – بعد أن شاهدت مخاطر عرضهم – رفضت طلبهم واستنكرت هوايتهم، ثم واصلت – ولا تزال- مكافحة طيشهم واستهتارهم بأرواحهم وأرواح الناس، ولكن لم تفلح في القضاء على كل الطيش والاستهتار..!!
:: وفي الذاكرة، عندما كان اللواء الطيب عبد الجليل مديراً لشرطة المرور بالخرطوم، خرج متنكراً بالزي المدني في شوارع الخرطوم، ثم سمى من يمارسون التفحيط في الشوارع بأبناء النافذين بالدولة وأبناء الأثرياء، ويبدو أن الحال كما هو عليه.. مناطق التفحيط أصبحت معروفة بالخرطوم، ومنطقة جبرة إحداها، وكذلك شارع النيل بعد منتصف الليل، ومناطق أخرى.. ومع تعديل القانون، بحيث يكون العقاب سجن وغرامة ومصادرة، فالقضاء على هذه الظاهرة يجب أن تكون مسؤولية (أسر الشباب)، والمؤسف أن معظمهم طلاب بالجامعات..!!
:: فالشرطة لا تملك من العدة والعتاد ما تغطي كل شوارع وميادين الخرطوم، ولكن باستطاعة الأسرة أن تراقب وتنصح وتعاقب ابنها، بحيث لا يؤذي نفسه والمارة بتصرف طائش كهذا.. حودث التفحيط كثيرة، وليس فقط ما عكستها مقاطع فيديو – مصورة بحي جبرة – في الأيام الماضية، وقبل حادث جبرة، اصطدمت عربة طالب بعربة مواطن في شارع النيل، ثم انتقلا سوياً إلى الرفيق الأعلى.. وقبلهما بشهر، انتقل طالب آخر إلى رحمة الله بشارع الستين من داخل عربة التفحيط أيضاً.. وكثيرة هي البلاغات التي تدونها مضابط الشرطة تحت مادة القيادة بالسرعة الزائدة والإهمال، وفي ثناياها تختبئ ظاهرة التفحيط بأعداد مخيفة..!!
:: وعليه، على الآباء، وخاصة المغتربين، نصح أبنائهم بعدم استخدام سياراتهم في العبث المسمى بالتفحيط.. فالأوبئة على قفا من يشيل بهذا الوطن المنكوب والشعب المنهك، ولا ينقصهما الوباء الخليجي المسمى بالتفحيط..!!