أظهرت السنوات الأخيرة تزايداً كبيراً وتنامياً ملحوظاً في قطاع التعدين بالبلاد، هذا بجانب تزايد الآمال أن التعدين يعد من أهم الموارد الداعمة للاقتصاد الوطني بعد فقدان نفط الجنوب لأكثر من 12 عاماً من تاريخ الانفصال، تزايد إنتاج الذهب مما جعل المعدن النفيس يتصدر قائمة صادرات السودان الخارجية مما زاد من توسعة فرص الاستثمار في القطاع، كما بدأ خطوات فعلية ومباحثات مع الجانب السعودي لاستئناف مشروع التنقيب عن الثروات المعدنية بالبحر الأحمر المعروف بـ(أطلانتس)، وبالتالي يعتبر ذلك مشروعاً استثمارياً ضخماً بين الرياض والخرطوم.
فيما يرى مختصون وخبراء اقتصاديون أن الثروات المعدنية بالبحر الأحمر تمثل كنزاً لا يقدر بثمن لجهة أن الاحتياطات الضخمة من المعادن التي يمكن استغلالها بالبحر الأحمر، مشيرين إلى أن هذا المشروع حال رأى النور وتم تنفيذه بين الجانبين، فمن المتوقع أنه سيشكل دفعة هائلة لاقتصاد كل دولة، وبخاصة السودان الذي يمكنه تعزيز مكانته الرائدة بين دول الإقليم كأحد أهم منتجي ومصدري المعادن.
الدفع بالاقتصاد
فيما يرى الباحث الاقتصادي الدكتور هيثم محمد فتحي أن قطاع التعدين يعتبر من أبرز موارد البلاد، مشدداً على ضرورة أن تعمل الدولة على تنميته لتعزيز إسهاماته في دفع الاقتصاد، منوهاً إلى أن السودان يمتلك ثروة هائلة من المعادن، لكن الحكومات المتعاقبة منذ استقلال البلاد لم تتمكن من استغلالها في إنعاش الاقتصاد وتحسين مستوى معيشة السودانيين، وحث على ضرورة التعرف على المشكلة والخلل من خلال دراسات وافية وشاملة خاصة أن التشريعات ليست جذابة بشكلٍ كافٍ وأن النظام المالي ليس جيداً وبيئة العمل ليست مناسبة للاستثمار في هذا القطاع.
مخاطر التعدين
يضيف د. هيثم أن قطاع التعدين يمثل نسبة لا ترقى لثروات البلاد منه في إجمالي الناتج المحلي، ولذلك لابد أن تكون له أولوية لزيادة نسبة مساهمته، ومن خلال تغيير التشريعات والأنظمة والقوانين واللوائح التنفيذية لتصبح أكثر مرونة وتتوافق مع الممارسات الدولية في القطاع إضافة إلى تسهيل الحصول على التراخيص، ونوه إلى أهمية تكثيف الجهود في صناعة التعدين في ظل ما تتمتع به من ثروات وما يمكن أن يتحقق لها من قيمة مضافة يمكن أن تدعم الاقتصاد والصناعة والسوق وفرص التشغيل وجذب الاستثمارات الأجنبية الكبيرة المباشرة والاستثمارات الوطنية الجادة، خاصة أن الاستثمار في قطاع التعدين فيه الكثير من المخاطرة، لأن عمليات الاستكشاف الباهظة قد لا تحقق العوائد المرجوة.
طول نفس
ولفت الباحث الاقتصادي إلى أن هناك مشكلات تمويلية تواجه المستثمرين، لأن القطاع يحتاج إلى طول نفس فهو يبدأ بعملية البحث والاستكشاف، ثم تأتي عملية الإنتاج في المرحلة الأخيرة، موضحاً أن التعدين استثمار طويل الأجل، وذو مخاطر عالية ويحتاج لرأسمال كبير فهو ليس مثل التجارة تشترى لتباع فتربح وليس صناعة ذات عائد يعتمد على دراسة جدوى قبلية، مشيراً إلى وجود أكثر من 400 شركة تعدين تعمل 95% منها في الذهب إلا أن مجموع إنتاج هذه الشركات في العام لا يتجاوز 16 طناً، في المتوسط ومن عائدات هذه الشركات يصنف عائد التعدين المباشر في خزانة الدولة بأنه ثاني أو ثالث أكبر مصدر للإيرادات بعد الضرائب في حين أن شركة واحدة من الشركات العالمية العاملة في إحدى الدول الأفريقية تنتج من منجم واحد من مناجمها أكثر من 32 طناً من الذهب في العام.