أسامه عبد الماجد يكتب: ضابط رمى بندقيته

أسامه عبد الماجد يكتب: ضابط رمى بندقيته

¤ التقيته في افطار رمضاني يوم الجمعة 14 ابريل الماضي ..قبيل يوم من إشعال مليشيا حميدتي الحرب وسعيها للاستيلاء على السلطة بالقوة.. كانت المرة الاولى التي اتحدث اليه، شعر كل من كان حولي انه شخصيه هامة من مظهر الحراس الذين كانوا من حوله.. عرفته بنفسي، واجابني بان شخصي معروف لديه.. سالته كيف تمضي الامور، رد بثقة فوق المعدل ان كل شئ على مايرام.. كان حديثه باهتاً مثل شخصيته.. بعد نصف يوم من اللقاء كانت الاوضاع بالبلاد في اسوا حال الى يومنا هذا.
¤ محدثي هو نائب مدير جهاز المخابرات العامة اللواء الركن هشام حسين إبراهيم.. الذي عينه رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان في المنصب قبل نحو عام ويزيد.. اجزم أن الغالبية العظمى من الشعب السوداني لم يسمعوا به.. وهو الرجل الثاني في واحدة من أهم مؤسسات الدولة النظامية.. تذكرته عندما رايته ضمن مستقبلي البرهان لدى زيارته لولاية القضارف مؤخرا.
¤ استغربت عندما رايت هشام يرتدي بدلة ، وكأن الاوضاع طبيعية.. والامور تمام كما كان (يتوهم) قبيل يوم من تمرد حميدتي وعصاباته.. منبع استغرابي ان الرجل من ضباط القوات المسلحة الدفعة (36).. كان ينتظر منه ان يكون مرتديا (الميري)، متفقدا جنوده في الميدان من قوات هيئة العمليات الذين ابلوا بلاء حسنا في ضرب المليشيا داخل ولاية الخرطوم.. من خلال العمليات الخاصة التي ينفذوها باحترافية عالية.. كما عهدناهم منذ سنوات.
¤ تخاذل هشام عن القيام بدوره كضابط ينتمي للقوات المسلحة.. اسندت له مهمة نائب مدير المخابرات.. لكنه منذ بداية الحرب وحتى كتابة هذة السطور لم نشاهده يتفقد قوات جهاز المخابرات الذين يقاتلون الى جانب الجيش ببسالة.. رغم ان ذلك من صميم مهامه كنائب مدير .. والمتمثلة في قيادة المنطقة المركزية والعمل الداخلي.. بينما منوط من المدير الاشراف العام وادارة العمل الخارجي.
¤ منذ بدء الحرب فر هشام الى مسقط راسه ولاية القضارف، مثله مثل اي مواطن.. تسبب ذلك الهروب في فتح ثغرة كان ينتظر ان يشغلها بقوة وعزيمة الرجال لانه ضابط عظيم.. سجل سيرة سيئة للمنصب عكس نواب المدراء السابقين امثال محمد عطا عندما كان نائبا لصلاح قوش.. واسامه مختار، نائب عطا والذي منح لشخصيته القوية وشطارته الامنية الكثير من المهام فكان نائب بصلاحيات رئيس.. وجرت سيرته العطرة بالخير على لسان كل منسوبي الجهاز وكان قريباً جداً من تولي منصب المدير.. كما ان مدراء ادارات امثال عبد الغفار الشريف – أحد اكفا ضباط المخابرات – كانوا بهمة مدير عام.
¤ لم يتوقف تراخي هشام بتوليه يوم الزحف.. لكنه استنزف خزينة الدولة، وقد علمت ان جهاز المخابرات استأجر له منزلاً فخماً باموال طائلة
بالقضارف.. – واتمنى ان لا يكون صحيحا – وهو احد ابناء المدينة العريقة المضيافة.. التي يفتح اهلها الكرماء صدورهم قبل ابواب منازلهم للضيوف.. ولذلك كلما زرنا القضارف نشعر اننا من ابنائها.
¤ اختار هشام ان يمضي يومه في اكل (السلات) و (الاقاشي) بينما يفترض ان يكون متجولًا بين ولايات البلاد يقدم تنويراً لمنسوبي جهاز المخابرات وحكومات الولايات.. ويتفقد الاوضاع الامنية.. ويترك مهمة العمل الخارجي الشاقة وفضح المليشيا لدول العالم لمدير المخابرات أحمد مفضل.. لكنه اختار وسط صمت القيادة الامنية والعسكرية الاختباء.. في وقت يعيش السودان واحدا من احلك فصوله.
¤ للجنرال المصري عبد المنعم رياض مقولة ذائعة الصيت (اذا حاربنا حرب القادة في المكاتب بالقاهرة فالهزيمة تصبح لنا محققة..إن مكان القادة الصحيح هو وسط جنودهم وفي مقدمة الصفوف الأمامية)..رياض واحدا من الضباط الذين تفخر بهم مصر.. شارك في الحرب العالمية الثانية وحرب فلسطين 1948 وحرب الاستنزاف، كما استعان به الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في خطة إعادة بناء الجيش المصري بعد هزيمة 1967.
¤ خصصت مصر يوم استشهاده ليكون عيدا للشهيد.. هكذا يخلد كبار القادة اسماؤهم باحرف من نور في الدفاع عن بلادهم.. يتبعون القول بالفعل.. ويحلقون سيرة عطرة من البذل والعطاء.. سعدنا بالعودة القوية لجهاز المخابرات كما عهدناه في السابق.. عناصره اسود عند القتال ابطال عند النزال.. لو كان بقاء هشام بمحض ارادته فذلك تمرد ناعم.. ولو كان بتوجيه المدير مفضل فتلك كارثة.
ولو كان البرهان لا يعلم فتلك طامة.
¤ ومهما يكن من امر.. تحتاج البلاد الى نائب مدير لجهاز المخابرات.. ونأمل ان يتحرك مفضل قبل البرهان.. قبل ان نكتشف ان الحاجة كذلك لمدير.

Comments (0)
Add Comment