فضل الله رابح يكتب: الراصد:
(عقار) يزيح الستار…
من علي مقعده أمام زجاج قمرة القيادة في المجلس السيادي مالك عقار يقدم خطابا مسؤولا يكشف من خلاله الخداع الذي وصمت به حرب المليشيا المتمردة علي السودان، خطاب مالك عقار يمثل نقطة مهمة من الانعتاق النفسي مما يسمي بالمجتمع الدولي والإقليمي والتعويل عليه في تصدير الحل النهائي للمشكل السوداني مالك عقار أزال الغلاف المصنوع بعناية لتغبيش الوعي وصورة الأزمة السودانية والتدليس الذي صاحب كل مراحل تطور حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣م، مالك عقار أزاح الستار عن أكذوبة الكيزان وشماعة الإسلام السياسي كمسلمات بأنها الأسباب الحقيقية للأزمة والصراع وان عناصر نظام الإنقاذ هم من أشعلوا الحرب ، حسنا في آخر أسبوع من العام 2023 عقار يخاطب العالم بأن من أشعل الحرب هو من خالف الأوامر وهاجم منزل القائد العام للجيش وهاجم مطار مروي، حسنا يقولها عقار في آخر أيام عام ٢٠٢٣م الذي اصطبغ المشهد السوداني فيه باللونين الأحمر (دما بريئا أريق) والأغبر (تدميرا ممنهجا) من جانب مليشيا الدعم السريع لكل بنيات الدولة السودانية التحتية في معظم مناطق العاصمة المثلثة. حسنا أن عقار وهو يزيح الستار ويضع الجميع أمام الحقيقة ويقول بأن المخرج هو التكتل الجبهوي لجميع السودانيين وان الحل في الاعتصام الداخلي والتعويل علي المبادرات الوطنية وان الحل هو تنظيم المقاومة الشعبية وتسليح المستنفرين لحماية ظهر الجيش والوطن، مالك عقار بعث برسائل عديدة لعلها وصلت لكل بريد وقرأت حرفا حرفا وأهمها رسالته للدول التي تدعم التمرد لارتباطات اقتصادية بأنهم وقفوا في الجانب الخطأ وأن الدولة هي التي تحفظ للدول والشعوب مصالحها وليس المليشيا المسلحة، لقد سجلت المليشيا الرقم الأسطوري من حيث التدمير بالسودان مثلها وإسرائيل التي درجت علي القصف المتواصل للأبراج السكنية غير عابئة بمن فيها من أطفال ونساء وكبار سن، ولبيوت الله وللمستشفيات وللمدارس، وكل ذلك وبشكل خاص على سمع العالم والإدارة الأميركية وأباطرة الإعلام الدولي المتحيز المبتهج لآلة الإفناء حجرا وبشرا ، رسائل عقار وصلت إلي بريد الإيقاد صاحبة المواقف الخجولة والبيانات المخجلة ، الإيغاد درجت تنظر لمصالح دول أفريقيا من زاوية وجهة نظر ومصالح الممول فهي منظمة معنية بالقضاء علي التصحر ويمولها الاتحاد الأوروبي أما القمة الأخيرة حيث قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بتمويلها كاملة ولذلك غير منتظر أن تصدر خلاصات غير النتائج المخيبة التي انتهت إليها قمة جيبوتي الأخيرة ، وكما هو الحال في كل شيء في الحياة، ثمة مراحل في الحروب، تتلو إحداها الأخرى، فحكاية الاستيلاء علي السلطة عبر الانقلاب من أجل جلب الديمقراطية والحكم المدني ومحاربة دولة ٥٦ كأهداف كبرى قامت عليها حرب المليشيا فشلت وانتهت الآن، وتغيرت الأساليب و «التكتيكات» وأصبحت الأهداف نهب وسلب واغتصاب وصناعة الفتن.
إن ما يجري في ولاية الجزيرة ودارفور وتم في الخرطوم يمثل تطبيقا نموذجيا لمبدأ العبثية في الحرب الوجودية، والأمر المهم ليس في إنهاء مرحلة الأهداف الكبرى وبداية مرحلة أخرى، إنما هو ما الذي تستهدفه كل تلك المراحل، الأمر هنا لا يقتصر على مليشيا ال دقلو وإنما يمتد إلى الظهير السياسي للمليشيا «الحرية والتغيير» وقياداتها المشاركة في دعم وإسناد المليشيا سياسيا وإعلاميا، شعارهم (لا للحرب) مثلما كان شعارهم (تسقط بس)، شعار بلا مشروع ولا أجندة وطنية واضحة، الآن نتساءل ما هي رؤية الحرية والتغيير لوقف الحرب وبدء عملية سياسية تحول دون إطالة الصراع وتوسعه للولايات بالسودان، النتيجة لا يوجد مشروع، قيادات الحرية والتغيير هي التي تقف حائلا ولا تؤمن بقيمة الحل الداخلي والتوافق الوطني، ولا يهمها حجم الدماء السودانية التي تسيل كل ساعة بفعل القنابل الإماراتية سواء كانت الغبية أو الذكية التي تزن طنا من المواد المتفجرة أو تزن ربع طن، وهنا تبدو إشكالية مراحل الحرب بلا معنى، فما دام هناك غطاء إقليمي ودولي للعدوان فلا يهم أن تبدأ المليشيا مرحلة ثالثة أو رابعة أو أيا كان الاسم والرقم فهي في النهاية حرب استنزاف وخراب للسودان والنهاية المقصودة دوليا تقسيم السودان إلى دويلات…
بصياغة أخرى، من العبث عدم التعامل الجاد مع ما تقوله المصادر المليشية حول الاستعداد لمرحلة جديدة من العدوان على بعض الأقاليم والولايات، إذ يظل الجوهر بلا تغيير، والعدوان مستمرا، والدماء السودانية تسيل، والخراب والدمار يتسع، ومخاطر توسع الصراع تتصاعد، وما جرى بمدني وما حولها، شاهد على عبث الفكرة القائلة إنه يمكن حصر الصراع بين الجيش والدعم السريع في الخرطوم، والمؤسف في ظل تمدد الخراب ما تزال قوي الحرية والتغيير في ضلالها تحشد الأصوات وتلفق التقارير لردع كل من يفكر في إيذاء المليشيا، أو مد يد العون إلى السودانيين في مهاجر اللجوء والنزوح، الحرية والتغيير كرست كل جهدها في تضليل الرأي العام العالمي والمحلي بهدف إيقاف المد الشعبي وتعطيل المقاومة الشعبية التي انتظمت البلاد لمواجهة جيش الاحتلال والغزو الأجنبي لبلادنا وبما تيسر لدى الشعب السوداني من أسلحة ومقاتلين يؤمنون بالدفاع عن حرية بلدهم وشعبهم وحماية ممتلكاتهم.
إن خطاب نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار كان متوازنا وصريحا ومباشرا وضع النقاط على الحروف وأتوقع أن يكون له أثر في شحذ همة القوى السياسية الوطنية وإرادة السودانيين والانتظام في حوار سوداني سوداني جاد ينقذ ما تبقي من وطن بجهود المخلصين من أبناء البلاد، إن ما ينتظر السودانيين كثير أولها تفويت الفرصة على المتربصين بالسودان وأهله…