الأديب والإعلامي السوداني أيوب صديق يكتب قصيدة عصماء في (غزة): غَــــــــزةُ وخِــذلانُ أمــةِ العـَـــــرب

الأديب والإعلامي السوداني أيوب صديق يكتب قصيدة عصماء في (غزة): غَــــــــزةُ وخِــذلانُ أمــةِ العـَـــــرب

أبانَ لكِ الخِذلانَ في العُرُبِ حالُـكِ
وغورَ خِـياناتِ النفوسِ الهوالكِ

نفوسِ جُموعٍ هَدَّها الذلُ أُلـفـةً
وضاقَ بها ذُلاً رَحـيبُ المسالكِ

تُساقُ ولا فرقًا تــَرى بينَ حاقنٍ
دمَ الناسِ مِن تَقوى، وما بينَ سافكِ

وآخرَ بالأسـبابِ للحَقِ آخذٍ
وفِعلةَ مَخذولِ عن الحَقِ تاركِ

و أورثها ذُلاً مَدى العُمرِ قادةٌ
فهانتْ مَقـاماً في الخطوب الحَوالِكِ

أجابتْ قَبيلَ البَغي والشرِ طاعةً
بخِـذلانِ أبطالِ الحِمى في المعاركِ

يُطيعـونه في كلِ أمرٍ على  المَــدى
إطاعةَ مَمـلـوكٍ ذلـيلٍ لمالكِ

وأعظمَ أضحى رهبةً في نُفـوسِهـمْ
من اللهِ مَن يُحصي لـهم كُـلَ ذلكِ

*****
‏‎فقد صَمتوا حتى عَـنِ الحَقِ قَـوْلةً
وصامتُهم في البَغي صِنوُ المُشاركِ

يرونَ بعينِ العَجزٍ تَقتيلَ أمةٍ
بهم فقدتْ عَونَ المُغيثِ المواشكِ(١)

دَماراً وإحراقاً وأشلاءَ عُزَّلٍ
نِثاراً ، وأنهارَ الدِماءِ السَّوافِـكِ

يكادُ يذوبُ الصَخرُ مِن نوحِ يُتمٍ
هناك ومِن نوحِ الثَكالى الضرائكِ(٢)

ودَمعِ  شيوخٍ قد  بكوْا مـن مَذلَّةٍ
يُرى خَلفَ أستارِ الوقارِ الهَواتِكِ

ويَعربُ تُلهيهم مَعاركُ أُنسِـهمْ
وساحاتُهـم فيها وثيرُ الأرائكِ

فَهُم بَـينَ مُجترٍ أحاديثَ خَاذِلٍ
وفاسدِ فُتيا أو ضُروبَ الأفائكِ(٣)

وتابعِ أشياخٍ تُـرى مِنْ نِفاقهِم
أفاعيلُ شَيطانٍ و أقوالُ ناسكِ
*****

تَميدُ بلادُ الغَرْبِ من وَطيءِ هاتفٍ
لغزةَ جَمعٍ غاضِبٍ مُتلاحِك(٤)

يضيقُ رَحيبُ الأرضِ منهمْ تدافُعاً
وقومُ بلادِ العُـرُبِ لم يَدروا ما بكِ

لَعلَ (ولاةَ الأمرِ) لم يأذنوا لهمْ
سَماعَ دَويِ الحَربِ يَعلو سَماءَكِ

ولم ير جَمعُ العُــرُبِ ما الناسُ قد رأوا
أمامَكِ زَحْفَ الموتِ أو مِنْ ورائكِ
*****

عَجبتُ وهـمْ خَلفٌ لمن كان مَقصِداً
إذا بُهمتْ سُـودُ الأمـورِ الشَـوابكِ

إذا دَعتِ الهيجا امتَطوْا كُلَ صاهلٍ
إليها سِراعًا، واعتلوْا كُلَ حاركٍ

وما ادَّكَروا أهلاً ومالاً وأرخَصوا
نفوسَ التُقى، بين القَنا والسًنابكِ

فكلُ فتىً تَصبوا إلى اللهِ نفسُهُ
مَطيتُه سُـوحُ الجِهـادِ المُـبـاركِ

عشيقُ صُدورِ الخَيلِ قد حَفَّها الرَدى
وليس ينالُ الخوفُ إيقانَ هالِكِ

فشـرَّفَنا  ياغزُ جيلٌ مُجاهدٌ
فهدَّ صَــياصيَ اللـئامِ الصَـعـــالِكِ(٥)

وتُسمَعُ للتكبـيرِ منهـمْ رواعدٌ
بجوفِ دَياجيرِ الليالي الحَوالكِ

بغـزةَ ظلماءٌ حُلوكٌ يُنيرها
سَنا بَرقِ لألاءِ الثغـور ِالضواحِكِ

وماضَحِكتْ إلا لبُشـرى تتابعـتْ
عـَنِ النصرِ وعْداً مـِنْ أكفِ الفواتِك

فقد  تَخِذوا الأيمانَ باللهِ جُنةً
وما عَرَفوا من بَعدُ خوفَاً هنالكِ

وهمهـمُ فـي اللهِ إمّـا شَـهـادةٌ
أو النصرُ إمـداداً بجُند الملائكِ

فحربُك ما استبقتْ لنا مِن عُروبةٍ
سِوى عَزمِك الباقي لنا مِــن إبائكِ

و وقـفـتِك الشـماءِ  فــي  ناظـرِ  الدُنى
لِيُقَـبرَ أنجاسُ الــورى فـي تـُرابِكِ

ويُسمعُ مِـنكِ القـولُ لا قولَ بـَعـدَه
ويقصرُ لُسـنٌ داهــنوا عَـن  مَقـالـِكِ

ثـَبـتِ، وهـذي أمةُ العُربِ مَخْـبرًا
لَعمريَ عَجزًا قَصَّرتْ عـن مَـقـامَكِ

أعِدتِ لنا يا غـزُ أمجادَ سالِفٍ
من الدهـرِ قد سُدنا عَـظيمَ الممالكِ

تركنا بها غَرْساً مِن الدِينِ وارفاً
‏‎وليس لنا هـمٌ بهـا غيرُ ذلـك
*****

وهَـمُ رِعالِ اليومِ إيفا عَمالةٍ
وخَمرٌ وأحضانُ البَغايا الأواركِ

وصارَ بهمْ رَهـطٌ لصهيونَ عـاشِقـاً
بحالةِ صَـبٍ وامقٍ   مُـتهالكِ

ولا غَرْوَ إذ كانوا خَزايا عَمالةٍ
لحربك جـازوا  كُلَ وعْرٍ وسالكِ

وحائطُ مَبكى القومِ قد بات قِبلةً
يَطـيبُ لهــم فيها أداءُ المـناسكِ

إذ اعـتَمروا تلكَ القَلانيسَ و أنبروا(٧)
يُؤدونَ  بالتلمــودِ كُـبـرى النَسائكِ(٨)

لَعَمـرُكَ لا يُرضي الصَهايينَ  فِـعـلُهم
عــن العُرُب حت ى يُولغوا في دِمائكِ

*****
سينَصـرُ ربُ الناسِ ياغـزُ فــــتيةً
أذاقوا البُغاةَ النُجسَ سُوءَ المهالكِ

وساداتَهم خِـزيًا ومغناهمُ لَـظــــىً
ومَن قـد نَجوْا مِنهمْ مِثالُ الدرائكِ(٩)

وأنصارُهم مِن مُــترعِ الذُلِ أُبلِسـوا
بليلٍ مــن الخِذلانِ أسودَ حالكِ

ستُلفينَ بعدَ النَصـرِ يا غَزُ أمـــةً
مُجَلَلةً خِزيًا جُـثُـوًّا  ببابكِ

يُلاحقـها عارٌ مُقــيمٌ على المــدى
فـقـد رَضــيتْ عـَجزًا وذُلاً بحالِكِ

دَمارُ ديـارٍ هـُدَّمتْ فوقَ  أهلِها
وسَيْلُ دمـــاءٍ فـوقَ أخرى صوائك(١٠)

ألا يا أخي، بُعداً لصهيونَ في الورى
وبُعـدًا لأشـرارِ الوجودِ الأماركِ

وبُعدًاصَـهـاينةِ الأعاريبِ أُتبعوا(١١)
لعائنَ تَـتـرى مِن رُجومِ الشوابكِ
ــــــــــــــــــــــــــــــ

معاني كلمات:
(١-المواشكُ: السريع.
(٢- الضرائك: البائسات.
(٣- الأفائك: الأكاذيب.
(٤- المتلاحِك المتداخل في بعضه. (٥- الصياصي: الحُصون.
(٦- رعال: جمعُ رَعيل أي جماعة.
(٧- قَلانيس: جمعُ قَـلَنسوة وهنا مقصود بها القَلَنسوة التي يعتمرها اليهود.
(٨- نَسائك جمعُ نَسيكة وهي النُسُك.
(٩- الدرائك: جمعُ دريكة وهي الطريدة.
(١٠-الصوائك: أي الجامدة.ِ
(١١-ويبدو للشاعر أنه في كثيرٍ من بلاد العرب يوجد رَهطٌ من المتصهينين في هذا الزمن

*(شاعر سوداني)*

Comments (0)
Add Comment