فضل الله رابح يكتب: الراصد:
دولة ( العطاوة ) و (أبيي)… عقد الوهم والسم القاتل ..
مع قرب انهيار حلم دولة العطاوة بالسودان وتلاش وهم عرب الشتات بإمكانية فرضها بسلاح دولة الإمارات بعد هيمنة مليشيا الدعم السريع علي مؤسسات الدولة والقطاع الخاص عبر انقلاب دموي غير آبهين من الانعكاسات السالبة الناتجة عن هذا المخطط التخريبي ذي الكلفة العالية ، بدأ العقل المنظر للحرب خطوات البحث عن خيارات جديدة لاستمرار الموت وهو توجيه المجرم (حميدتي ) نحو إشعال فتنة أبيي وإشعالها لإبادة ما تبقي من شعب المسيرية حتى تخلو المنطقة كاملة ليس للجنوبيين وإنما لتكون وطنا بديلا لشتات عرب شمال غرب أفريقيا بعد استحالة تواجدهم بأمان علي أنقاض دولة الفور أو السودان كمل ، سيما أن آل دقلو قد تسببوا في تدمير كل علاقات هذه المكونات الاجتماعية مع جيرانهم من القبائل ولم يكتف في ذلك بدارفور وانتقل إلى كردفان وبقية السودان وربما ذلك سيؤثر علي تواجد هؤلاء بدارفور وبعض مناطق السودان بعد توقف الحرب الحالية وبدأ التفكير في إخلاء كل المنطقة شرق الضعين من السكان وضمها إلى شرق دارفور واعتقد هذا هدفا رئيسيا من إصرار عبد الرحيم دقلو علي احتلال بابنوسة والمجلد والفولة لإحكام سيطرته رغم نداءات وتحذيرات القيادات المجتمعية ، وقد وحد مقاومة شعبية شرسة تضامنا مع القوات المسلحة .. إن مشروع تمرد (حميدتي) الذي حشدت له الأمارات وبعض الدول المتحالفة عتاة المجرمين وقادة العصابات من دول الجوار السوداني ، وبسببه غاصت السودان ، الأرض الخصبة التي يفيض فيها الماء ، أرض الموارد بكل أنواعها والحضارات، غاصت في الفقر والبؤس والنزوح واللجوء ، وتوالدت المجموعات المسلحة وحلت الحروب في مناكيها، وأصبحت الحرب هي كرت المناورة السياسية لمجموعة الإطاري المتحالفة مع المجرم (حميدتي) ، صحيح عمليا إن المشروع الانتحاري الأكبر قد أنهار اليوم ، لكن العقل الذي أنجبه بدأ يفكر في عقدة وهم أخرى وهي منطقة (أبيي) وهي كرت ظل محتفظ به للتأزيم وإبادة المسيرية من علي وجه الارض ، معروف إن مجموعات كبيرة من قبيلة المسيرية قتلتهم أوهام (آل دقلو) ، والمهزلة والمأساة الأكبر أن حميدتي ذهب يغازل الجنوبيين لتسليمهم منطقة أبيي المتنازع حولها مقابل دعمه دوليا واقليميا وتحسين صورته الذهنية عند المنظمات الدولية . أبيي حملت أشجار تاريخها دماء وأشلاء فرسان المسيرية ، اليوم انتقلت إليها أوهام (آل دقلو) التي أضحكت الدنيا في الغباء السياسي وأبكت ملايين السودانيين بعد ما تحولت أوهام المخبولين مجازر للشعب ونهب واغتصاب ، حرب قتل فيها الآلاف من الأبرياء ذبحا وجوعا وتشريدا. الإمبراطور (حميدتي) الذي نصب نفسه بل نصبه بعضهم توهما أميرا على شعب السودان، وأنفق ثروة البلاد على صناعة تاجه الماسي، وأهدر دم كل من صمت ولم يصفق له ، علي أساس إما أنه من بقايا دولة 1956م أو أثر من الكيزان، وبعد شهور من جنون حميدتي ، فقد جرى عليه مصير أمراء الحرب فهو الآن غير معروف المصير إن كان ميتا أم حيا…؟؟، هل موجودا أم هاربا…؟؟ ، لكن البؤس والدم تجذر في البلاد ولم يغادرها وستظل ممارسات هذه الحرب جريمة تاريخه تلاحقه ومن والاه مدى الحياة .. سيظل حميدتي ومن شايعه هم من دمر السودان عن آخره وقضى على معالم حضارته منذ الاستقلال ، وقد أحدثت مواجهات هذا المشروع خرابا ودمارا بنيويا يحتاج إلى سنوات طويلة للإعمار تقدر بترليونات الدولارات ..
بحسب المخطط الاقليمي والدولي فإن الفصل الأول من صراع الدعم السريع قد انتهي بعد ما ساهم في بعثرة الاوراق الجيوسياسية والاجتماعية في السودان ، الان بدأت مرحلة جديدة وهي فتح المجال علي اساس الحديث عن الصراعات الاثنية والقبلية وهذه مرحلة تتطلب تحول في إستراتيجية الدولة لمحاربة الارهاب ليس بمطالبة المنظمات الاقليمية والدولية باعتبار الدعم السريع منظمة ارهابية ولكن بتأسيس قوات خاصة لمحاربة هذه المجموعات الارهابية وإلا ستكون هي نفسها سببا للتدخلات الاقليمية والدولية في السودان ..
الخلاصة انهاء هذا الصراع يتطلب أربعة مسارات وهي الخيارات الضرورية ، المسار الاول هو استمرار الحسم العسكري والضبط الميداني وتحرير كل شبر من قبضة المليشيا وهذا لم يتحقق إلا بفضل دعم القوات المسلحة والمضي في المسار الثاني وهو تماسك وتقوية الجبهة الوطنية الداخلية وتقوية تلاحم الجيش مع الشعب ، وهذا لم يكتمل الا بالمسار الثالث وهو تطوير وتوسيع الخط الدبلوماسي وبناء تحالفات اقليمية ودولية قوية لدحر التمرد بكل السبل ، والمسار الرابع والاخير وهو فتح منابر حوار بهدف الاستقرار وليس علي اعتبار المليشيا المتمردة وقيادتها مكونا اساسيا من مكونات البيئة السياسية السودانية المحتملة ، ولكن علي اساس تثبيت انها مكونا اساسيا تسبب في الفوضي وعدم الاستقرار وساهم في أضعاف بنيات الدولة الوطنية وإحياء النعرات القبلية وتفكيك التركيبة الديمغرافية والواقع الجيوسياسي بكل السودان وبالتالي لا بد من قانون خاص بمحاسبة كل العصابات شبه العسكرية والسياسية والخلايا والمتعاونين مع المليشيا في كل السودان ..
قد تشكل هزيمة مشروع آل دقلو في السودان نقطة تحول مفصلية في إتجاه مراجعة مشروع دولة السودان بكل مشتملاته ووضع مشروع وطني جديد ودون حمولات سياسية الي جانب بحث مستقبل العمل السياسي في السودان فضلا عن تفكيك كل المجموعات التي إجتذبها مشروع آل دقلو خلال الظروف التي أتيحت له فترة وجوده ضمن المنظومة العسكرية وسيطرته علي مفاصل الدولة والمال ، ما مكنه من بناء قوة قتالية تمتلك اسلحة متقدمة شبيهة باسلحة الجيش النظامي وهو ما حفذه علي الانقلاب واستلام السلطة…