حامد عثمان يكتب
طالبان..لذة الانتصار
ورائحة (الكمين)
——
فيما يشبه التسليم والتسلم دخلت طالبان الى كابول بعد انسحاب الجيش الامريكي وضعف مقاومة الجيش الافغاني الذي دربته امريكا لعقدين من الزمان .
المشهد كانه جزء من السينما الامريكية التي صنعت عدة افلام عن افغانسان ، ولكن يبدو لي ان كتاب السيناريو لم يدر بخيالهم يوما ما نتابعه اليوم .
في تقديري ان امريكا لن تترك طالبان ولكنها ارادت تغيير قواعد اللعبة
اختارت امريكا الطريق الاقصر والاقل تكلفة لضرب طالبان وهو طريق مجرب في بلاد الافغان وهو (الانقسام الداخلي او سمها الفتنة)
طالبان لن تجد العالم كما الامس بل لن تجد اهل المدن كما تركتهم لقد جرت مياه تحت الجسر وفوقه خلال العشرين سنة التي غابت فيها عن الحكم ..العالم والداخل الافغاني لن يتقبل خطاب طالبان المتشدد في قضايا المراة والحريات واجتهادات طالبان وتفسيرها لتطبيق الشريعة ..واضف الى ذلك عبء ادارة الدولة في ظل مقاطعة محتملة من امريكا والدول الاوربية وهذا سيضع البلد في دائرة الحصار القاسي جدا …وايضا لا ننسى المكونات القبيلة الاخرى او التي تناهض طالبان فسيكون لديها مواقف تهدد حكم طالبان .
في ظل هذه الاوضاع اتوقع بروز تيارين في طالبان
الاول :
تيار تقليدي متمسك بجوهر فكرة طالبان بخطابها الاصولي المتشدد القديم وينظر لما يحدث بانه انتصار للسلاح وحده ومستعد لجمع شتات المناوئين لامريكا من كل بقاع الدنيا ..باختصار صورة جديدة لحقبة طالبان التسيعينات.
تيار آخر
اصلاحي نظر الى التجربة السابقة ومآلاتها خاصة في الجوانب الشرعية ولديه ما يقدمه من خطاب جديد يطمئن العالم ان ثمة مراجعات قد اجريت ولعل ما صدر من تصريحات بشان المراة وحقها في التعليم وغيره يشير الى هذه الافكار الجديدة .
في حال عدم وجود قيادة مركزية لحركة طالبان تمثل مرجعية فكرية وسياسية لكل قرارات الحركة ولها الكلمة العسكرية في الميزان فاحتمال النزاع بين التيارين اعلاه قائم وقريب ..
وهنا سياتي دور أمريكا عدو طالبان القديم في تغذية هذا الصراع ولو بتركه خارج التغطية الدولية اي منطقة صراع منسية
وفي الذاكرة سنوات الصراع التي اعقبت خروج السوفيت من كابل فقد اشتد القتال بين الاحزاب والمكونات الافغانية حتى نسى المقاتلون طعم انتصارهم على السوفيت.
الان امام حركة طالبان فرصة تاريخية لعدم حدوث هذا السيناريو مرتين .
على الحركة توحيد قيادتها وتبني الخطاب الاصلاحي فقد اضرت اجتهاداتها في تطبيق الشريعة بتجربتها وبالاسلام .
ثم ان تجتهد في توسيع نطاق المشاركة الوطنية حتى تشكل به حائط صد امام التدخلات الخارجية لان الحكم بشكل منفرد يجعلها في مرمى الاستهداف .
اتوقع كذلك ان تدعم قطر وتركيا هذا الخط لان الاولى تبنت المفاوضات والثانية لديها ارتباطات معلومة من مصلحتها هدوء الاحوال في بلد الافغان.