أيوب صديق يكتب: قواتنا المسلحة والحقد الغربي القديم

الزرقاء / أيوب صديق

أعرف أن من يذكر الحق في هذه الأيام عن نظام الإنقاذ، وفي مثل هذه المواضع، فعليه أن يتبوأ مقعده من نار الاتهامات، بأنه من الكيزان أو من الفلول حتى إن المرء إذا دافع عن قوات بلده المسلحة، التي هي المؤسسة القومية التي تدافع عن البلد عامة ولا تدافع عن فئة معينة فيه، ربما يُصنف بأنه من مؤيدي المكون العسكري في النظام، وأنه بدفاعه عن القوات المسلحة إنما يستبطن الطعن في المكون المدني فيه، ومن أراد أن يتبرأ من ذلك فعليه أن يشتم قواته المسلحة بكل فروعها. ذلك مثل من أراد أن يتجنب كذلك وصفه بانه كوز أو من الفلول،فعليه أن يعلن امتعاضه من دين الإسلام، كأن يقول مثلا إنه جمهوري أو من أتباع الديانة الإبراهيمية ، مع أن إدارة بايدن ليست متحمسة لها لأنها من إرث نظام ترامب.
لن ينسى الغربيون للإنقاذ أنها انشأت من الصفر صناعة عسكرية ضاربة، جعلت السودان الذي كان يتسول الحصول على المسدس، يكتفي بنسبة 85 في المئة من الأسلحة بما يصنعه داخليا حسب ما تقول تقارير الدفاع الغربية، ولن ينسى الغربيون للقوات المسلحة السودانية أنها بذلك التسليح،قد اجهضت طموحات جون قرنق، قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان ربيبة الغرب، حيث كان يخصها بالمال غدقا، لأن القوات المسلحة قد بددت آماله بأنه سيدخل الخرطوم فاتحا بالموسيقى العسكرية كما دخل صديقه موسفني كمبالا من قبل، وذلك إبان ضعفِ وهزالِ نظام ديمقراطية الصادق المهدي، التي قال عنها شريكه في الحكم عن الحزب الاتحادي الديمقراطي، السيد زين العابدين الشريف يوسف الهندي، وهنا انقل نص كلامه من تسجيل فديون بتاريخ 1987:حيث يقول:”لماذا لا نكتفي عشان نناقش ما هي المشكلةُ؟ وعشان نُشير بشجاعة لأن الحكم فشل، وأن نطلب من الآخرين ضمانات، عشان نُحافظ على ديمقراطيةٍ عرجاءَ وكسيحةٍ وعاجزة، عن أداء واجبها، وواقفةٍ تحت حواجزَ خاصة بها، ولكل منا تابوتٌ في صدره يقدسه ويعبده دونَ الديمقراطية”.وذلك الصعف والهزال في نظام الصادق المهدي وقبل انقلاب الإنقاذ، جعل قادة الجيش آنذاك يوجهون إليه مذكرتهم الشهيرة، التي لم تبق لنظامه ما يستتر به أما مواطنيه.
لقد حطمت القوات المسلحة في عهد الإنقاذ، بما وفرت لهامما تحتاجه من السلاح، آمال دخول قرنق الخرطوم، التي لو دخلها فاتحا، وكما قلتُ من قبل وسأظل أقول، لاغتصب جيشه الفاتح ملايين النساء، ولأصبح الآن من بيننا الآن ملايينُ من الناس هجين لا يعرفون آباءهم، و لاشترك الشماليون في صفوف الحركة الشعبية كذلك في اغتصاب بنات عمهم، ووقتها لن يكتفي قرنق بشرب القهوة في المتمة كما توعد، بل سينال وهو الفاتح المنتصر بقوة سلاحه أشياء أخرى غير القهوة،ولأسكتَ نداء الصلوات في مساجد السودان، ولأطفأ نيران القرآن إلى الأبد في دولة السودان الجديد، وكانت تلك كذلك أمنية الغرب، لبلد ينظر إلى خطورته دائماً بأنه مدخل للعروبة والإسلام إلى إفريقية المسيحية، ولذا يجب ضربه وتقسيمه لدويلات رسموا هم من قبل خرائطها. وهو هدف لا يزال قائما ولن يتحقق لهم أبدا،ما لم تُضرب قواتُ السودان المسلحة.ومن المؤسف أن لهم أعواناً من بيننا،يجدون منهم كل عون لتحقيق ذلك لهم، وهم جادون في تحقيقه وسيحدث ذلك، ما لم يتنبه الإخوة في القوات المسلحة، ويأخذوا ذلك بعين الجد. وضرب القوات المسلحة وتفكيكها ليس صعبا، إذا سمح الفريق أول البرهان للجنة إزالة التمكين بدخول حياضها،وأذكر هنا البرهان شخصيا، لأن هناك كلاماً يدور بين الناس أقرب إلى الاجماع، بانه هو شخصيا من يساند هذه اللجنة السياسية الظالمة، التي لا ترقب في مؤمن إلا ولا ذمة، ويشد من أزرها ويؤيدها فيما تقوم به ويستدلون في مزاعمهم تلك، بأنه قد أُشتكي إليه منها كثيراً ولم يفعل شيئا هذا ما يقوله الناس عنه، راجيا أن يكون ذلك قولا خطأ. لأن هذه اللجنة إذا بدأت أي عمل في صفوف القوات المسلحة فستفعل بها كما فعلت بمؤسسات الخدمة المدنية الأخرى،حيث صفتها من كفاءاتها فأصبحت عاجزة كل العجز والأمثلة على ذلك كثيرة. فستفعل الشيء نفسه في صفوف القوات المسلحة حيث ستصدر قوائم بآلاف الناس ومن مختلف الرتب والكفاءات، بأنهم من أعوان النظام السابق فتحيلهم إلى التقاعد. فتجرد القوات المسلحة أو ما يبقى منها من آلاف الكفاءات،فتدمرها دمارا كاملا، ومن ثم يفلح الغرب الصهيو مسيحي في ضرب بنية السودان وتفكيك هيكله،وتكوَّن تلك الدويلات التي رُسمت خرائها من قبل.ويكفي المرء في هذه الصوب النظر في ما دونه وجدي صالح حيث قال:
“لن نثق وما بيمشي فينا أي كلام بأن التحول الديمقراطي محروس طالما كان الكيزان فلول النظام المباد داخل مؤسساتنا الأمنية والعسكرية. من يريد حماية الثورة والتحول الديمقراطي عليه اتخاذ خطوات عملية لإعادة هيكلة تلك المؤسسات وتفكيكها وتنقيتها من الكيزان فلول النظام المباد. وإلا دا يبقى كلام ساي ما بيمشى على قوى الثورة والثوار، ألم نتفق على ذلك ؟ يبدو أنهم لم يستوعبوا الدرس”. وذلك عين ما حذرتُ منه، ولأبيات الشعرية المرفقة هي جزء من قصيدة طويلة نظمتُها من قبل وسميتها ( الشباب والثورة بين الأمس واليوم) ونشرتها في مكان ليس ههنا، ورأيتُ إعادة نشرها هنا لأنها عين ما يعني هذا المقال الآن.
الآن إلى الأبيات التالية:
كفــروا بنُعماهُ التي استبقى بها
أمنَ البلادِ على سِنانِ جحافلِ1
هذي الجحافلُ يبتغي تفكيكَها
شُذاذُ آفاقٍ، لهمْ في الداخلِ ِ
شِيعٌ من الأشرار خِلوُ عقـيدةٍ
ولهم بضِلَّتِهم صنوفُ مَحافلِ
يبغــون تفــكيكاً وهَيكلةً لهـا
حتى تعودَ لنا حُطامَ هَياكلِ
*****
إن الذي يبغون، شرٌ مضمـرٌ
في نفسِ كلِ مشابهٍ ومماثلِ
بخداعِ تطويرٍ، ورفعِ كفـاءةٍ
خُدعٌ بها استبقوا لسوءِ بدائلِ
حيل بهايرجون محوَ عقيدةٍ
تُزكي الجهادَ بنفسِ كلِ مقاتلِ
ونسوْا شباباً ناظرينَ لصيحةٍ
نعمَ البواسلُ من ظهورِ بواسلِ2
لسماعِ داعيةِ الجـهـادِ ترسماً
لخُطىَ قوافلَ تهتدي بقــوافلِ
قَحَـموا مَخوفَ الغابِ واعتسـفوا الفلا
لم يسمعوا في اللهِ همسَ مَشاغِلِ
يتسابقـون عـلى الشَهادةِ مثلمـا سبقتْ لها شَوقاً صفوفُ أوائلِ
شُـــثْــنُ الأكفِعلى الــزنادِ تأهُّــباً
ما عـاقهم خــورٌ ولـينُ أناملِ3
و(اللهُ أكــبرُ) في حـنادِسـهم لهـا
في كلِ ناحيةٍ ضياءُ مشاعلِ4
ودبيبُ رُعــبٍ من عظيمٍ دويِّها هَــــــزّاً لأرجـــــاءِ الثرىَ بزلازلِ
فبـإذنِ من يَنفـي (الرفاقُ) وجودَهُ ووجودُهم فينا اجتِلابُ غَــوائلِ8
سيظــلُ هذا الجيش مابقيَ الحِمى رَصداً يَصــدُ لكلِ باغٍ غائلِ
ويظــلُ لي قلمٌ مَسيلُ مِــدادهِ
مثلَ الشواظِ على هشيمِ الباطلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معاني كلمات:
1 ــ جحافل: جمعُ جحفل، وهو كثرة العدد والمقصود هنا الجيش. 2ــناظرين : مُنتظرين
3ــالشَـــثِـنُ: الغــليــظُ الخَــــشِــن.
4 ــالحِندِس : الليلُ الشديدُ الظلمة. 5 ــغوائل: جمع غائلة وهي الفساد والشر، والمصيبة والداهية

Comments (0)
Add Comment